Report 12 Two-State
Solution تحدي إقامة دولتين أنت الزائر رقم:
التحدي القائم أمام إقامة
دولتين
المصدر: ميدل ايست
ريبورت
بقلم: جاري
سوسمان
ترجمة: صفاء خصاونة
نيويورك تايمز: النقاش
ضد إقامة الدولتين نقاش
ماكر
هآرتس: 67% من
الإسرائيليين يخشون دولة
واحدة
ربيع عام 2004 دفع شارون
من أجل إجراء انسحابات إسرائيلية
أحادية الجانب من قطاع غزة إضافة إلى أربع مستوطنات مهجورة واقعة
داخل الضفة الغربية، وقد جاءت تلك الخطوة بعد
حوالي عام من تزايد الانتقادات من داخل
ومن
خارج
إسرائيل، والتي لم تكن تملك حلاً
خلال المنظور البعيد للنزاع الإسرائيلي - الفلسطيني. ومع إذعان
رئيس الوزراء شارون أخيرا، فان خطته قد وضعت من أجل إحباط الحلول التي توصل
إليها ممثلو الوسطاء الدوليين، إضافة إلى كل ما أحرزه مهندسو
المبادرات المحلية مثل اتفاق جنيف في تشرين ثاني من عام 2003
والذي ينص على تطبيق مبدأ إقامة دولتين المبني أساسا على
المعادلات الأخيرة التي تمت مناقشتها من قبل المفاوضين
الإسرائيليين والفلسطينيين في طابا تشرين ثاني من عام 2001. وضمن
عملية فك الارتباط فان شارون كان يسعى إلى نشر فكرة عدم وجود
شريك فلسطيني في المفاوضات، كما كان يسعى أيضا إلى فرض الهيمنة
الإسرائيلية على الطرف الأضعف.
وكانت النتيجة رفض خطة
شارون تلك من خلال الاستفتاء الذي أجراه حزب الليكود في الثاني
من أيار عام 2004، ولكن الاستفتاء جرى خارج الجناح اليميني
المتطرف للمستوطنين، حيث تحظى خطة الانسحاب أحادية
الجانب بدعم كبير بين جمهور الشعب اليهودي وقد انبثق هذا الدعم بشكل
كبير بسبب الانقسام التقليدي بين الليكود اليميني وحزب العمل
الذي يصر على مبدأ الأرض مقابل السلام.
لقد حجبت محادثات فك
الارتباط النقاشات المتزايدة خلال عامي 2003 و2004 الرامية إلى
إيجاد بدائل لنموذج إقامة دولتين، تلك المناقشات التي اختبرت
الحكمة التقليدية القديمة التي تقول بأن الحل القائم على مبدأ
إقامة دولتين يعتبر اللعبة الوحيدة في البلد. وهكذا فقد سعى
مناصرو ذلك الحل إلى نشر أفكارهم من أجل ترويجها وزيادة الدعم
لها، ففي تشرين أول من عام 2003، وصف محررو صحيفة النيويورك
تايمز الجدال القائم ضد إقامة الدولتين على أنه "نقاش ماكر" ولكنهم
اعترفوا بأنهم بدأوا يحصلون على مؤيدين وفي نفس الشهر قامت
الإذاعة الإسرائيلية الرسمية في البرنامج الشهير "popolitika" باستضافة حوار حول ضرورة استمرار الحوار حول
إقامة الدولتين.أما صحيفة هآرتس الليبرالية اليومية فقد أشارت
إلى أن حوالي 67% من الجمهور الإسرائيلي متخوف بشكل كبير
أنه خلال هذا السيناريو قد
تجد إسرائيل نفسها في حقيقة دولة واحدة.
أما صحيفة هآرتس الليبرالية اليومية فقد
أشارت إلى أن حوالي 67% من الجمهور الإسرائيلي متخوف بشكل كبير
أنه خلال هذا السيناريو قد
تجد إسرائيل نفسها في حقيقة دولة واحدة. وقد تم مناقشة بديلين
لإقامة الدولتين. احدهما كان إنشاء دولة ثنائية القومية، تقوم
على مشاركة السلطة من قبل شعبين منفصلين يكون لكل منه هويته
المميزة داخل دولة واحدة.ويتضمن النموذج القائم على دولة ثنائية
القومية فيدرالية وكونفدرالية إضافة إلى اتحادات أخرى متعددة.
أما البديل الآخر الذي تمت مناقشته فإنه يقترح إقامة دول أحادية
ديمقراطية، لا يوجد فيها تمييز عرقي أو قومي بين مواطنيها.وبينما
يتقدم الخيار الأول خلال العديد من المؤهلات التي تمت وتطورت في
إتفاق الجمعة الجيدة في شمال
ايرلندا. أما الخيار الثاني فهو يغفل مسبقاً
الحقوق الفردية
للأشخاص تماما مثل النظام القائم في جنوب أفريقيا العنصري. وعادة
ما يستخدم المفهومان بالتبادل كما أن كلمة دولة ثنائية القومية
تفهم من قبل معظم الإسرائيليين على أنها إشارة إلى نظام جنوب
أفريقيا.
ويشير البعض مثل ميرون
بنفسي إلى أنه جاء لتجنب أية بدائل أخرى
للحل القائم على أساس إقامة دولتين.
وهناك بالطبع
بدائل أخرى لذلك المبدأ، تتضمن تلك البدائل إنشاء كيان يقوم فيه
اليهود بحكم الأغلبية الفلسطينية، وذلك من خلال العديد من الخطط
القسرية، كما اقترح اليمين الإسرائيلي بعض الخطط القائمة على
الكنتونات التي تسمح للأقليات اليهودية بالتحكم والسيطرة على
الأغلبية الفلسطينية من
خلال
إحداث تقسيمات إدارية، أو ضمن
نموذج يمارس فيه الفلسطينيون حقوقهم السياسية في الأردن أو في
مصر. ويخشى الآخرون بان يقوم كل من شارون والجناح الإسرائيلي
الراغب في إيجاد مجموعة من الكانتونات المتقطعة تحمل
إسم الدولة الفلسطينية على
غرار نموذج البانتوستان الأمر الذي من شأنه أن يوسع السيطرة
الإسرائيلية على المناطق، بينما تقلص أعداد الفلسطينيين داخل
الدولة الإسرائيلية، وفي ظل هذه الرؤى كيف يمكن للخيارين
السابقين أن يعودا من الإلغاء إلى الهوامش؟
المتشككون
الدوليون في داخل المجتمع منهم
تأتي المعارضة
القوية للحل القائم على إقامة دولتين ،
من قبل
المثقفين اليساريين، إضافة لمعارضتهم
إقامة دولتين أحداهما قومية والأخرى
دينية، تلك المعارضة قائمة على أن الصهيونية في حد ذاتها عبارة
عن أيديولوجية عنصرية
وأن إسرائيل بطبيعتها دولة غير
منصفة وغير عادلة. إلا أن العديد من الإسرائيليين يرون في هذه
النقاشات معاداة للسامية وذلك لأن إسرائيل يتم شجبها دائماً
لأنها تمثل قوة احتلال إضافة لكونها دولة قومية بينما يتم تجاهل
الاحتلال الصيني لإقليم التبت، والحرب التي تشنها روسيا على
الشيشان.إن الاتفاق الذي تم في أوسولو عام 1993، تم التقليل من شأنه من قبل
اليساريين المعادين للصهيونية، وذلك خلال المناقشات العامة التي
كانت تأمل إنجاح مبدأ إقامة دولتين، وعلى افتراض بأن كلا الشعبين يرغب في رؤية
نجاح ذلك الحل.
إن انهيار محادثات أوسلو شجع اليساريين المثقفين
على إعادة طرح موضوع إقامة دولة ثنائية القومية على طاولة
المفاوضات باعتبارها أمرا مرغوباً فيه.
وقد قام توني
جودت بإثارة النقاش الرئيسي عندما أشار إلى أن فكرة إقامة دولة
يهودية يتمتع فيها اليهود والديانة اليهودية بامتيازات خاصة على
السكان غير اليهود الذين يتم استثنائهم للأبد، وهكذا فان إسرائيل
وباختصار عبارة عن خطأ تاريخي. وقد أثارت تلك الأفكار الآلاف من
الرسائل للمحرر والتي تؤكد على أن تقييمات دانييال ليزر والتي
تقول ببدء انهيار المحرمات القديمة إن تلك المحرمات تنهي النقاش
الدائر أيضا داخل الولايات المتحدة حول شرعية الدولة
اليهودية.
وخلال الأشهر
المنصرمة، شارك العديد من الكتاب الذين يؤمنون بان إقامة دولتين
هو ببساطة أمر غير عملي وبالتالي فقد انضموا إلى جوقة المتشككين.
أما الصحفية هيلينا كوبان المحنكة فقد تراجعت عن معارضتها
السابقة لمبدأ إقامة دولة واحدة، مقدمة مثالاً واحداً حتى قبل أن
تقوم بنشر فيض من المقالات والمنشورات الدبلوماسية المتعلقة
بالنزاع الإسرائيلي الفلسطيني، حيث أثاروا أيضا شكوكا حول
إمكانية اعتماد مبدأ إقامة دولتين على الرغم من حقيقة كون
المجتمع الدولي كان قد استثمر العديد من المصادر خلال محادثات
أوسلو وهو يعمل الأمر ذاته
خلال خطة خارطة الطريق.
وعلى سبيل
المثال في عام 2002 قام مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى الشرق
الأوسط تيري رود لارسون بالاستفسار عما إذا كانت
الأمم المتحدة تقترب من نهاية وموت مبدأ إقامة دولتين الأمر الذي
يعتبر الصخرة الأخيرة لجميع الجهود الرامية إلى إقامة السلام، إن
تلك الهواجس تسير نحو طريق سياسي مسدود وليست نابعة من خيارات
وبدائل أيديولوجية.
فكرياً، فالمعارضة
المتجددة لفكرة إقامة دولة دينية عنصرية متميزة يجب أن ينظر
إليها بعكس النزاعات الدموية التي حصلت في أوروبا الشرقية خاصة
دول البلقان التي عمقت وزادت من التكامل الأوروبي وبالتالي عارضت
نظرية اصطدام الحضارات.
أي أن
الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان العربي في المناطق المحتلة
قد قلصت الكثير من الدعم العالمي لإسرائيل ولشرعيتها خاصة داخل
أوروبا.
وفي مسح واسع
أجري تشرين ثاني من عام 2003
في أوروبا وجد أن 59% ممن شملهم المسح صنفوا إسرائيل والولايات
المتحدة والعراق وكوريا الشمالية إضافة إلى إيران بأنها دولاً
تشكل تهديداً للأمن والاستقرار العالمي.
وعلى الرغم من
أن العديد من الإسرائيليين قد وضعوا تلك النتائج سريعا على أنها
دليلاً على معاداة السامية.
وقد أشار الياهو
سالبتور على أن إسرائيل واليهود هما اللذان قررا بأن على إسرائيل أن
تكون بمثابة الضوء لبقية الدول وبالتالي فإنه يتم الحكم عليهما
بالمقاييس العادية التي يدعونها. أما إذا قامت إسرائيل بالفوز
بحرب الصور داخل الولايات المتحدة إلا أن أحد زعماء اليهود الأمريكيين
ويدعى بريان لوري كان قد حذر بأنه ما لم تنته الانتفاضة قريباً،
فإن إسرائيل معرضة لخسارة
الرأي العام الأمريكي المؤيد لها.
الشكوك
الإسرائيلية
إن
الشكوك الإسرائيلية حيال قيام دولتين يزداد حدة خلال المناقشات
العامة التي تتم في إسرائيل، وقد عبر أحد الداعمين لذلك الحل ويدعى
يومي ألفر
عن شكوكه وحذر
بأن هذا الحل يجب أن لا يستهان
به، كما أن دانيال جافرون قد خطا خطوة
أخرى إلى الأمام لا يستهان به، كما أن دانيال جافرون قد
خطا خطوة أخرى إلى الأمام مدافعاً عن اليهود والإسرائيليين
قائلاً بأنهم يحتضنون دولة ثنائية القومية، بينما لا يزالون
يتمتعون بالتفوق الديمغرافي. إن جافرون الصهيوني كان قد أشار إلى
أنه طالما أن التقسيم لم يعد
ممكنا، فإنه لم يبق للصهاينة سوى خيار
واحد ألا وهو التعايش السلمي بين الإسرائيليين والفلسطينيين في
دولة واحدة. إن أفكار جافرون هذه تحظى بدعم ضئيل بين اليهود
الإسرائيليين حيث أن 78%
منهم يعارضون
قيام مثل هذا الكيان وينظرون إليه كممهد لقيام فلسطين الكبرى
بينما يعتبرون أن فكرة دولة ثنائية القومية متجذرة في المناقشات
الصهيونية. وخلال فترة الانتداب فإن العديد من أمثال هنريتا
سشولد ومارتن بوير وجودا ماجنس وحركة هاشومير هاتز كانت قد دعمت
وساندت تلك الأفكار، ولكن وعلى الرغم من أنها قد شوهت في التاريخ
بسبب آرائها، إلا أنهم لم يكونوا لوحدهم في هذا
الطريق.
كما أن العديد من
الزعماء الصهاينة البارزين مثل حاييم وايزمن وحاييم
أرلونوروف ساند تلك الفكرة.
أما ديفيد بن غوريون، رئيس الوزراء الأول
لدولة إسرائيل، فقد تلاعب بفكرة قيام دولة ثنائية القومية وذلك
بين عامي 1924-1939. وذلك ربما من أجل أهداف تكتيكية، حيث كان
في وقت من الأوقات وحينما كان اليهود عبارة عن أقلية (اقل من
20%) من السكان في المناطق الخاضعة للانتداب قال بأن الصهاينة ضعفاء إلى درجة
يصعب فيها عليهم التغلب علي كل من البريطانيين والعرب
معا.
علاوة على ذلك فان المطالب الداعية إلى
المساواة في التمثيل السياسي، دلت على أن السباق نحو إقامة دولة
ثنائية القومية قد خدم الحركة الصهيونية بشكل واضح. ومن ناحية
أخرى فان التمثيل الأكبر لليهود داخل مؤسسات الانتداب السياسية
قد سمح للزعماء الصهاينة بالحفاظ على الغموض والسرية التي تحيط
أهدافهم الحقيقية من
وراء إنشاء
دولة يهودية. إلا أن لجنة التقسيم كانت قد رفضت فكرة الكانتونات
المقترحة من قبل زعماء وقادة الحركة الصهيونية، واقترن هذا
التطور مع تعهد يهود أوروبا وتفاؤل بن غوريون بأن فكرة التعايش السلمي مع
الزعماء العرب أمرا ممكنا، كل
ذلك جعل بن غوريون يتخلى عن فكرة إنشاء دولة ثنائية القومية أما
بعد الاستقلال فقد تقلص الدعم الإسرائيلي لفكرة دولة ثنائية
القومية.
ومن ناحية أخرى
فإن الهدف الذي تسعى إليه
السياسية الإسرائيلية متمثلة في اليمين الأيدولوجي، وحركة المستوطنين
هو إقامة دولة واحدة.
وعند معارضة
خطة فك الارتباط دعا بعض معارضي شارون من الجناح اليميني صراحة
لضم الضفة الغربية وقطاع غزة، إضافة إلى الحفاظ على الطبيعة
اليهودية للدولة .إن جوهر ما يتضمن ذلك هو
الدولة اليهودية التي ستحتاج إلى بناء مؤسسات من شأنها أن تعمل
بشكل رسمي على التمييز والتفريق العنصري لصالح اليهود أو حتى أن
تضطلع بعمليات تطهير عرقية، وكما يقول أحد زعماء المستوطنين اليهودي
نعوم أرنون إذا كان هناك تناقض
وأصبح بين هذا المضمون اليهودي وطبيعة الحكومة الديمقراطية،
فإنه من الواضح أن المضمون
اليهودي يتفوق.
وعند النظر إلى
ما كشفت عنه المقابلات الصحفية مع أيفي أيتمان زعيم الحزب الوطني
الديني والوزير في حكومة شارون حيث وضع رؤيته الخاصة بإسرائيل
العظمى وأشار بأن الدولة اليهودية الوحيدة
في العالم تتطلب حداً أدنى من المناطق، وبالنظر إلى الفلسطينيين
الذين يرغبون بالبقاء داخل الضفة وقطاع غزة، يقترح أينام بان تقدم لهم إسرائيل
إقامة روحية، وهذا يتعارض مع منحهم الجنسية. أما بالنسبة للعرب
الغير مستعدين للقبول بهذا الوضع فإنه يجب إعادة توطينهم إلا أن
البعض الآخر في اليمين يقترح وضع المناطق الفلسطينية تحت سيطرة
إسرائيل الأمنية مع
السماح لهم
بحكم وإدارة شؤون البلديات والبعض يشيرون إلى أ نه تمشياً مع مضمون فكرة
إنشاء إسرائيل الكبرى والتي تقترح بأن المنطقة الجغرافية للضفة
غرب الأردن يجب أن تقسم إلى عشرة كانتونات، ثمانية منها
إسرائيلية، واثنان فلسطينيان بحيث يعطى كل كانتون نفس النسبة
والتمثيل في الكنيست وبالتالي
تضمن حصول أغلبية يهودية، ويعتبر العديد من المعلقين
الإسرائيليين بان حركة الاستيطان ومن يدعمها تعرض إسرائيل للخطر وذلك من خلال
تسليمهم بإمكانية إقامة دولة ثنائية القومية.
الفلسطينيون
حتى عام 1988، فإن الدعوات من أجل
«فلسطين علمانية» كانت تشكل الموقف التقليدي لمنظمة التحرير
الفلسطينية، وعلى الرغم من أن الإسرائيليين اعتبروا دعم تلك
الدعوة خطوة تكتيكية، بدلا من كونها أيديولوجية. إلا انه وبعد
اتفاق أوسلو عام 1993، حمل العديد
من مثقفي الشتات الفلسطيني وخاصة إدوارد سعيد، شعار المعارضة
للانفصال، كما أن الكثير من هذه المشاعر المحافظة والمقاومة
للتغيير تدافع عنها علاقات الدولة الحالية، وبصورة أكثر أهمية
فإن الزعماء والقادة داخل المناطق الفلسطينية قد وصلوا إلى هذا
الحد من تقديم بدائل للحل القائم على إقامة دولتين. إن أهم تلك
الأصوات جاء من علي الجرباوي الأستاذ في جامعة بيرزيت والذي كان
منذ زمن طويل ينادي بأن على الفلسطينيين أن يخدموا إسرائيل من
أجل الحصول على مطلبهم الأساسي بالموافقة على إقامة دولة
فلسطينية خلال ستة أشهر حيث سيطلب الفلسطينيون بعدها بالضم وقد
انتشرت تلك الفكرة تدريجيا واستمر تداولها بين المثقفين مع
استمرار تصلب الموقف. ولقد حذر الزعيم الواعد مروان البرغوثي
السكرتير العام لمنظمة التحرير الفلسطينية «بأن الوقت قد بدأ
ينفذ» قال ذلك عند قرب محاكمته بالاتهامات التي نسبت إليه بما
فيها القتل والتآمر وقد جاء في كلماته التحذيرية: آمل بأن يكون
الإسرائيليون قد علموا بأن الشعب الفلسطيني لا يمكن أن ينحني
بالقوة، وإذا لم ينته الاحتلال بشكل أحادي الجانب أو من خلال
المفاوضات فإنه يتبقى لدى الفلسطينيين حل واحد ألا وهو دولة
واحدة لشعبين وبهذا فقد أحجمت قيادات السلطة الوطنية الفلسطينية
وبشكل كبير عن الخوض في هذا النقاش، مقللة من اتساع الفجوة بين
الشارع والنخبة السياسية. وقد أشار أحد الاستطلاعات بأن ثلث
الشعب الفلسطيني يدعمون إقامة دولة ثنائية القومية، وهناك أحد
الأصوات المهمة المنادية بوجود بدائل لإقامة دولتين كانت من خلال
وحدة دعم المفاوضات، وهو فريق من المحامين عمل على تقديم مسودات
ورسم خرائط لمنظمة التحرير الفلسطينية من اجل التحضير لمفاوضات
الوضع النهائي. لقد كان الأعضاء وجلهم من فلسطينيي الشتات قد
قالوا بأن القضية الفلسطينية سيتم خدمتها وبشكل أفضل من خلال
النضال من اجل الحقوق المدنية للشعب الفلسطيني. وقد كان سلام
فياض أول مسئول رسمي للسلطة الفلسطينية يحذر من أن الوقت بدأ
ينفذ وان مبدأ التعايش على أساس دولتين بدأ يموت بسبب الممارسات
الإسرائيلية. وفي مذكرة وزعت على الإدارة الأمريكية في تشرين أول
عام 2002، حذر وزير المالية فياض بأن توسيع الاستيطان الإسرائيلي
يقلل من مستقبل اتفاق يقوم على إنشاء دولتين.
وفي كانون أول
وبعد إعلان شارون عن نيته الانتقال بخطة فك الارتباط الأحادية
وذلك خلال مؤتمر هيرتزيليا السنوي، أشار أحمد قريع رئيس الوزراء
الفلسطيني في كانون أول عام 2003 إلى أن هذا الحل يعتبر تفرقة
عنصرية حيث ينص على وضع الفلسطينيين ضمن كانتونات، ولا يمكن لأي
فلسطيني أن يقبل بهذا. وأضاف قريع قائلا: إننا لن نتردد بالدفاع
عن حقوق شعبنا عندما نشعر بالنوايا الخطرة لإسرائيل والتي تهدف
أساسا إلى تدمير وإغفال تلك الحقوق. وسرعان ما تابع ياسر عرفات
تلك القصة في إحدى المقابلات مع صحيفة الغارديان البريطانية حيث
قال: إن تلك التحذيرات الصادرة عن شارون تعتبر تحركات تكتيكية من
قبل الإسرائيليين. إن السلطة الوطنية الفلسطينية لا يمكنها تحمل
التخلي وبشكل ضعيف عن إقامة دولتين، ولهذا فهي تمنح القدر الأكبر
من المساعدات الدولية للخدمات المدنية.
حقائق على الأرض
إن من احد أهم الأسباب الكامنة وراء
التحدي القائم لإقامة دولتين يرتبط أساسا بالتطورات الحاصلة على
الأرض خاصة في ظل استمرار زيادة وتوسيع المستوطنات، إضافة إلى
بناء الجدار العازل وطبقا لعميرة هاس فإن سرعة بناء المستوطنات
في المناطق المحتلة منذ عام 1993، قد خلقت وضعا من شأنه أن يؤكد
إقامة «دولة أحادية جغرافية»، أما أنصار حركة السلام الآن فإنهم
يقولون أنه خلال عام 2003 قامت الحكومة الإسرائيلية بنشر 1.627
عطاء إضافيا من اجل بناء مشاريع إسكانية جديدة في الضفة الغربية
وهي الحقيقة التي تتكلم بإسهاب عن التزام إسرائيل بدعم التوجهات
الرامية إلى إقامة دولتين.
ويقول ميرون
بنفستي إن الاستيلاء على الأرض يغذي الإحساس بأن العلاقة بين
الأرض والهوية العرقية وهي نفس الأفكار التي كانت سائدة منذ
عشرين عاما والتي لا يمكن تطبيقها، وأن أية محاولة لتطبيقها
ستؤدي إلى تعقيد المشكلة بدلا من حلها. ويشكك الآخرون بمدى
استعداد إسرائيل، أو مدى استطاعتها تخليص نفسها من المناطق. إن
تلك المشكلات ليست مستترة تحت الأرض، بل واضحة للعيان وينفي
إيتام فكرة إزالة المستوطنات قائلا: هل تعتقدون حقا، إنه بمقدور
أي شخص تفكيك مستوطنات كل من آرييل، كريات أربع، أو كارني
شومرون؟
أما الرئيس
السابق لقيادة الجيش اسحق ايتان فإنه يخشى ويحذر من أن تفكيك
المستوطنات سيؤدي إلى نشوب حرب أهلية، قائلا إن إخلاء المستوطنات
أمر مستحيل.
إن اغتيال رئيس الوزراء السابق اسحق
رابين في تشرين ثاني 1995 بعث برسالة تحذير قوية إلى العديد من
القادة الإسرائيليين، الذين ينكرون حق إنشاء دولة فلسطينية
ويرفضون التنازل عن ارض الميعاد. وقد صوتت لجنة الليكود المركزية
ضد إنشاء الدولة الفلسطينية في آذار عام 2002، كما أن
مستوى
التصويت ضد
الانسحاب من غزة في آذار عام 2004، يعتبر اكبر دليل وشاهد على
عدم إمكانية تسليم إسرائيل بفكرة إقامة دولتين.
إن الحقيقة
الثانية الرئيسية على الأرض والتي من شأنها أن تغذي التشاؤم حيال
التوصل إلى إقامة دولتين هو بناء «الجدار الفاصل»، ويدافع
المؤيدون لبناء ذلك الجدار، بأن إسرائيل ومن خلال ذلك الجدار
ستعمل على خلق وضع قائم يحتم القبول بإقامة دولتين، كما انه
سيقود حتما إلى إخلاء المستوطنات المتواجدة على الجانب الغربي
للجدار.كما أنهم يؤمنون أيضا بأن مسار الجدار سيعمل على تعديل
نفسه مع مرور الوقت.أما المتشككون، فإنهم يسلمون بأنه وبعيدا عن
تعزيز مبدأ إقامة دولتين، فإن حكومة شارون قامت وبكفاءة باختطاف
«فكرة الفصل» والتي تعتبر أصلا من أفكار حزب العمل وذلك من اجل
أن تخدم أجندتها السياسية وتحديدا إقامة دولة «بانتوستان» على
حوالي 42% من الضفة الغربية. أما افراهام بندر
الرئيس السابق للأمن فقد قال: انه بدلا من إنشاء حقيقة لواقع
إخلاء المستوطنات والحفاظ على فسحة من الأمل لإقامة دولتين
لشعبين، فإننا نعمل على تضييق تلك الفسحة تدريجيا.
ويجادل
الفلسطينيون انه إذا قبلوا بفكرة إقامة دولة فإنه يتم حصارهم
عمليا بمنطقة تشبه مناطق جنوب أفريقيا العنصرية وكلما دعمنا بناء
الجدار، فإننا نكون قد بدأنا بالتنازل تدريجيا عن حلمنا بإنشاء
دولة فلسطينية.
أما من وجهة
نظر حزب الليكود، فإن فرض إقامة تلك الدولة على الأرض يبرر قيام
إسرائيل بطلب عمق استراتيجي وذلك من اجل الدفاع عن نفسها ضمن
نموذج «مناطق أمنية» في المناطق الساحلية وحوالي مدينة القدس وفي
جميع المناطق التي يتواجد فيها الإسرائيليون على طول نهر
الأردن.
ويقول أحد كبار
القادة العسكريين في جيش الدفاع الإسرائيلي انه لم يعد يصدق أن
إقامة دولتين الذي تم الاتفاق عليه في جنيف سيكون من شأنه حل
الخلاف القائم.
ويلمح المسئول
العسكري بضرورة عقد صفقة مستقبلية مع الجانب الفلسطيني بحيث تكون
مبينة على أساس تفاهمات إقليمية مختزلة بفدرالية أردنية -
فلسطينية تقوم الأردن بموجبها بالسيطرة على الأراضي التي توافق
إسرائيل على الانسحاب منها، بما فيها جموع السكان الغفيرة التي
تسكن تلك الأراضي.
وهذا ما أشار
إليه عوزي بنزيمان وهي نفس سياسة الحق المكتسب لليمين
المتطرف.
ولكن يبدو أن
هذا الطرح موضع تساؤل كبير وهو هل سيوافق الفلسطينيون على أي شيء
أقل مما طرح في مفاوضات طابا عام 2001، والتي تحدثت عن تقسيم
مدينة القدس والأرض التي ستتخلى عنها إسرائيل مقابل الاحتفاظ
بالمستوطنات.
أما بالنسبة
لكبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات فقد كتب قائلا: لقد
أصبح من الواضح بالنسبة للفلسطينيين ما يدور بذهن شارون والعديد
من القادة الإسرائيليين، إنهم يريدون إعطاءنا دولة تشبه «الغيتو»
ومحاطة بالمستوطنات الإسرائيلية ومجردة من القوة غير قادرة على
الدفاع عن نفسها، محرومة من مصادر المياه وارض غير صالحة
للزراعة، ووجود لا يذكر في القدس، أي أن الدولة الفلسطينية التي
يريدون تكون ذات سيادة بالاسم فقط، إننا لن نقبل على الإطلاق
بالموافقة على مثل هذا المستقبل،
إضافة لذلك فإن الأردن نفسه لن
يقبل بالتضحية بالكيان الهاشمي الذي عمل على توحيده بقوة منذ عام
1988 كما أن المجتمع الدولي لن يقحم نفسه مجددا بموضوع إعادة
ترسيم حدود دولية معترف بها أصلا.
وكما يقول
بينزيمان فإن التقييمات الصادرة عن العسكريين تفتح آفاقا واسعة
للنقاش حول بدائل إقامة دولتين.السكان
إن رفض شارون
المتكرر لدعوات استئناف المفاوضات، دعا الكثيرين للتخوف من أن
الوقت بدأ ينفذ من اجل إقامة دولتين وبالنسبة لساري نسيبة وعامي
ايالون اللذين يسعيان إلى جمع تأييد شعبي على مجموعة من المبادئ
الأساسية من اجل إقامة تعايش سلمي دائم بين
الشعبين.إلا أن المؤيدين الرئيسيين
لاتفاقات جنيف أمثال ديفيد كمحي يعمل على ترويج أفكاره الخاصة
به، مؤكدا على أن المعارضين للاتفاق سيقودون إسرائيل في نهاية
القرن إلى دولة ثنائية القومية.
أما داخل
المؤسسات الإسرائيلية فإن رئيس الوزراء السابق أيهود باراك
وموشيه يعالون إضافة إلى أربعة رؤساء سابقين للأجهزة الأمنية،
أعربوا جميعا عن مخاوفهم بأن التردد الحكومي من شأنه أن يسير
بإسرائيل حقيقة نحو إقامة دولة ثنائية القومية.
أما أيهود
اولمرت، عضو حزب الليكود فقد فاجأ العديد من المراقبين عندما صرح
قائلا: علينا الاعتراف أنه لا يوجد أمامنا «متسع من الوقت» فكلما
ماطلنا وتأخرنا، كلما أصبح الفلسطينيون غير مهتمين بإجراء
مفاوضات من اجل إقامة دولتين لأنهم يريدون تغيير جوهر النزاع من
النموذج الجزائري إلى نموذج إفريقيا الجنوبية.. ومن صراع ضد
الاحتلال في المحادثات الرسمية إلى صراع يقوم على أساس صوت لكل
رجل.
وهذا بالطبع
صراع أنظف بكثير، ونزاع يكتسب شعبية كبيرة بين المواطنين،
وبالنهاية فإنه يجعله صراعا أكثر قوة وهذا بالنسبة لنا يعني
نهاية الدولة اليهودية.
إن تصريحات
اولمرت تشير إلى المدى الذي أصبح فيه الهاجس الديمغرافي يؤثر على
الحالة الصهيونية بدلا من التعايش السلمي وذلك من اجل فك
الارتباط.
ويجادل أرنون
سوفر من جامعة حيفا بأن جميع السكان المتواجدين غرب الأردن
سيصبحون حوالي 15.5 مليون نسمة بحلول عام
2020.أما اليهود فيصبحون حوالي
6.4 مليون يهودي أي سيشكلون فقط 40% من مجموع السكان، وستكون
الأغلبية لصالح الفلسطينيين. ويؤكد سوفر على أن العامل
الديمغرافي بين اليهود والعرب موجود أصلا. إذا تم استثناء جميع
السكان من غير اليهود وغير العرب. إن مثل هذه المعطيات الإحصائية
قادت كبير مفاوضي أيهود باراك جلعاد يشير لدعوة الإسرائيليين إلى
تعريف حدودهم بأنفسهم ووضع جدار حديدي ضد «التهديد الديمغرافي»،
مسلطا الأضواء على الأغلبية في المنطقة الواقعة بين حوض البحر
المتوسط والأردن معتبرا حدود الضفة الغربية مدعومة بشكل كبير
كونها تمثل جدارا حديديا.
إن الجناح اليميني، بمن فيهم شارون نفسه
لطالما سخروا من حقيقة «التهديد الديمغرافي» ويصرّون على أن
الهجرة من أنحاء العالم إلى داخل إسرائيل من شأنها أن تبقي
التميز الديمغرافي لصالح اليهود.
ولكن كل ذلك
يبقى في خانة الافتراضات، وان الحقيقة تكمن في عدم وجود عمليات
هجرة كافية إلى داخل إسرائيل.
وقد اعترف سالي
ميردور رئيس الوكالة اليهودية «وهو نفسه مستوطن» بأن الإحصاءات
الأخيرة أشارت إلى أن حوالي 210.000 إسرائيلي يهودي قد غادروا
إسرائيل منذ شتاء عام 2000. كما أن تعليقات أيهود اولمرت نفسه
تؤيد عملية «فك الارتباط» أحادية الجانب بشكل كبير وذلك بنسبة
80% من أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة من اجل الحفاظ على
الديمقراطية الإسرائيلية. إن تفسير هيمنة موضوع «الهاجس
الديمغرافي» فجأة، يعبر كما أشار احد الصحفيين إلى أن الأغلبية
الصامتة أصبحت الآن على وعي لما يشكله «التهديد
الديمغرافي».
على الرغم من
كل ذلك إلا أن معظم الإسرائيليين لا يزالون غير مكترثين لذلك
الأمر معتبرينه أمرا غير مجد. وان الخوف من فقدان الأغلبية
لليهود ومواجهة حقيقة إنشاء «دولة ثنائية القومية» تعمل على
توحيد اليهود من كلا الجناحين اليساري واليميني.
وفي أسلوب
منطقي، فان توقف المحادثات الدبلوماسية المتكررة، إضافة إلى ظهور
الجدل القائم حول الهاجس الديمغرافي بإمكانه أن يزيد من الشعور
الإسرائيلي بضرورة إخراج نفسها من المستنقع الذي وجدت نفسها
فيه.إن نتائج الاستفتاء الذي
أجراه أعضاء حزب الليكود ممكن أن تشير إلى انه لن يكون بالامكان
القيام بذلك في ظل الوضع القائم داخل الكنيست والذي سينتهي عام
2007.
العامل الديمغرافي
والمتطرفون
على الرغم من أن مؤيدي عمليات الانفصال
قد يفوزون بالحوار حول العامل الديمغرافي سواء تم ذلك بالمفاوضات
أو بأحادية الجانب إلا أن ذلك لن يكون دليلا على أن الجمهور
الإسرائيلي سيقوم بتبني تلك التكهنات، إن اليمين الإسرائيلي
والذي يعارض مبدئيا الجدار الفاصل الذي يقام في الضفة الغربية،
اضطر أن يتبنى الفكرة نتيجة الضغوط الشعبية ولكنها استطاعت تحويل
مسار الجدار من اجل توسيع وزيادة السيطرة الإسرائيلية على
المناطق. إن مخاطر الجدل الديمغرافي، إضافة إلى استخدام مبدأ
ثنائية القومية كفزاعة قد تزيد من دعم عمليات التطهير العرقية أو
التمييز العنصري ضد السكان من غير اليهود، أو كما أشار إليها
ديفيد لاندو المحرر في صحيفة هآرتس اليومية قائلا: «بينما يأمل
معسكر السلام بأن السيناريو الديمغرافي المرعب قد يقنع
المستوطنين بالاعتدال، إلا إذا وجدت المؤسسة الصهيونية نفسها في
خطر محدق.
إن اليساريين
يأملون بأن يعمل الهاجس الديمغرافي على إقناع جميع شرائح المجتمع
الإسرائيلي للانضمام إلى صفوفهم. وقد حذر يوري افنيري من استخدام
المحادثات الرامية إلى إنشاء دولة ثنائية القومية لإضافة العرب
بشكل يزيد من الكراهية العربية لإسرائيل، فهم برأيه يرون أن
إنشاء مثل هذه الدولة سبب آخر من أسباب تكديس المزيد من
المستوطنات في جميع أنحاء الضفة إن زعيم المستوطنين إسرائيل هاديل يدعي
انه حالما وصلت الأقلية العربية داخل إسرائيل إلى 40% من نسبة
السكان، فإن الدولة لن تظل يهودية كما انه حالما انسحبت إسرائيل
من المناطق المحتلة فإن العامل الديمغرافي سيزداد لصالح
الفلسطينيين وذلك مع إعادة توطين اللاجئين هناك. وعلى الرغم من
امتناع هاديل على تقديم حل للمشكلة الديمغرافية إلا انه لمح بأن
الصهيونية لم تعتمد أبدا على حصول معجزات بل قامت بخلق هذه
المعجزات.إن المعجزة التي يريد خلقها أمر غير واضح ولكنها بالطبع
ليست إقامة دولتين.إن الاتجاهات الديمغرافية تزيد من رفض إقامة
أية تسوية والنظر بإجراءات راديكالية. إن الهاجس الديمغرافي يهدد
أيضا العلاقات الحذرة بين الأغلبية اليهودية والمواطنين العرب
داخل إسرائيل.
إن زعماء حزب العمل يدعمون بشكل كبير
نقل مدينة أم الفحم البلدة العربية الواقعة في إسرائيل بحيث تصبح
تابعة للدولة الفلسطينية.أما داني مور أحد مناصري الجناح اليساري
الداعي إلى نقل التجمعات التي يقطنها المواطنون الفلسطينيون إلى
داخل الكيان والدولة الفلسطينية في المستقبل. كما يشير مور إلى
انه وعلى الرغم من الدعم والتكلم عن المساواة في الحقوق بين
الشعبين. كما يصر على ضرورة منح العرب حقوقهم ما لم يشكلوا أي
تهديد موجه نحو الهوية اليهودية للدولة.أما بالنسبة لسكان أم
الفحم الذين يرغبون في البقاء داخل إسرائيل فيمكنهم الانتقال إلى
أماكن أخرى في البلد.وتعليقا على هذه الأفكار، أشار آمنون
راذكراكتزن إلى أن الحديث حول السلام من قبل الجناح الإسرائيلي
اليساري يعرض في الحقيقة التخلص من العرب ومن ثم فإن الأمر يبدو
تماما وكأنه ترانسفير.إن الدعم الموجه لجميع أشكال الترانسفير
يقوم على طرد أو تهجير الفلسطينيين إما من خلال الإقناع أو
التأثير عليهم بالحوافز المادية وخلال الاستفتاء الوطني الذي
اجري عام 2003 وجد أن 46% من الإسرائيليين يؤيدون القيام بتنفيذ
الترانسفير بالقوة والإكراه والقيام بطرد السكان الفلسطينيين
الذين يقطنون المناطق المحتلة. بينما يدعم 33% منهم أجراء
الترانسفير بالنسبة للفلسطينيين الذين يملكون الجنسية
الإسرائيلية.
سخرية
الأزمات
إن الحديث عن خيار إقامة دولة واحدة لم
يتغلب على التيارات التي تفضل الانفصال وتيارات إقامة دولتين،
ولكن طالما بقي هناك جمود في المحادثات الدبلوماسية مع الاستمرار
في بناء وتوسيع المستوطنات كلما زادت الأوهام لدى كل من
الإسرائيليين والفلسطينيين حيال معادلة مشاركة
الأرض.إن مبدأ إقامة دولتين سيصبح
بالتأكيد أمرا غير قابل للتصديق بشكل اكبر بين الفلسطينيين إذا
لم تستأنف المحادثات الدبلوماسية الجادة، وبالنسبة لبعض
الفلسطينيين فإن فشل السلطة الفلسطينية الذي مرت به خلال الفترة
الواقعة بين الأعوام 1994 وعام 2000 من أجل بناء وتطوير مصداقية
وإيجاد مؤسسات شفافة. ساهم في إثبات أن هدف الفلسطينيين القوميين
أمر لا يمكن تحقيقه.إن مبدأ إقامة دولتين مرتبط أيضا بالطبقة
الحاكمة الفلسطينية والتي ينظر إليها من قبل العديد من
الفلسطينيين على أنها مجموعة فاسدة وعصبة من الرجال غير
الأكفّاء. كأن توفر قدر هائل وكبير من المساعدات الدولية، أوجدت
دولة غنية فشلت من خلالها النخبة الحاكمة من السلطة الوطنية في
القدرة على تطوير أو إيجاد علاقة ألفة ووئام بينها وبين عموم
الشعب الفلسطيني.
ولغاية الآن فإن الاتجاه السائد بين
الفلسطينيين يمتنع عن المصادقة على الأفكار التي تنادي بالمصادقة
على إقامة دولة واحدة بعيدة عن عرفات المحاصر وعن مدى استثمار
السلطة في التفاوض على مبدأ إقامة دولتين إلا أنه وعلى الزعيم من
الاتجاه السائد إلا أن هناك تلميحات لإعادة النظر بشكل متطرف.
إن الزغيم الفتحاوي قدورة فارس يدعي
انه اقترب من تشكيل حزب يروج لموضوع إقامة دولة واحدة، وكما
يقترح فارس انه وبسبب ترك الفلسطينيين بلا أمل، فإننا مستعدون
لسلك أي طريق - حتى القبول بمبدأ الضم لإسرائيل. وفي عبارات أخرى
من اجل كسب اليمين الفلسطيني وذلك من خلال استخدام قاطرة
الديمقراطية.
وبشكل تهكمي،
فإن بدايات تآكل الدعم لإقامة دولتين بين الفلسطينيين الوطنيين
العلمانيين قد يدعو إسرائيل للنظر إلى حماس واعتبارها شريكا
مفضلا. وعلى الرغم من أن الإسرائيليين يعلمون بأن حماس ستعمل على
تشكيل دولة إسلامية واحدة وبهذا المعنى فهي ملتزمة بمبدأ إزالة
دولة إسرائيل. أما المعارضون فإنهم يركزون على بيانات عديدة صدرت
من قبل حماس خلال السنوات الماضية تلمح من خلالها بقبول مبدأ
إقامة دولتين مقابل هدنة طويلة الأمد لوقف إطلاق
النار.
وهناك أمر آخر
يدعو للسخرية ألا وهو أن جميع الفصائل الفلسطينية حتى الحركات
الإسلامية ممكن أن يكون لديها الكثير لتفسره حال قيام دولة
علمانية أو حتى دولة ثنائية - القومية. إلا أنه وعلى الرغم من
انخفاض دعم السلطة لكلا الأمرين، فإنه بزيادة شعبية حماس فإن
مقاولي فتح قد يلجأون إلى اعتبار المطالب التي تنادي بدولة
ثنائية أو علمانية واستخدامها كعلامة لتمييز تحركاتهم عن بقية
اللاعبين السياسيين.وهناك أمر آخر يدعو حقا للسخرية ألا وهو
الاستخدام المتكرر للهاجس الديمغرافي داخل الصالونات السياسية
الإسرائيلية ذلك الأمر الذي من شأنه أن يشجع الفلسطينيين إلى
النظر إلى موضوع التصويت داخل كيان مركزي كأمر مفضل.إن النقاش
حول العامل الديمغرافي يعزز من التفكير حول النزاع بأنه عبارة عن
لعبة تكون فيها نقطة الضعف الكبرى لدى إسرائيل هي نفسها نقطة
القوة الكبرى لدى الفلسطينيين.
تآكل
مستمر
لقد تنبأ عزمي بشارة في إحدى كتاباته
عام 1988، بأنه «عندما يصبح الأمر واضحا بشكل كامل والذي يقضي
بأن تقوم دولة فلسطينية مستقلة وديمقراطية تسيطر على كل متر في
الضفة الغربية وقطاع غزة وخالية من جميع المستوطنات الإسرائيلية،
عندها سيحين الأوان للفلسطينيين لإعادة تقييم إستراتيجيتهم
الكاملة سنبدأ حينها بمناقشة موضوع إقامة دولة ثنائية القومية».
إن التاريخ والممارسات
الإسرائيلية قد تكون دفعته لذلك القول فمنذ عقدين من الزمان كان
ميرون بنفستي قد حذر أيضا أن الاستمرار بالتوسع الاستيطاني سيجعل
إسرائيل تتجاوز نقطة اللاعودة بحيث يصبح معها تطبيق إقامة دولتين
أمرا غير ممكن على الإطلاق. وبالرد على تلك الفرضيات فإن المؤرخ
أيان لوستك كان قد اقترح بأن الموضوع الذي يتم الرهان عليه لم
يكن أبدا من «الحقائق على الأرض» ولكن من الحقائق الموجودة داخل
عقول الناس.
وباقتباس كلمات
السجين انطونيو جرا مسكي، قال لوتسيك بأن عمليات توسيع الدولة
كانت تتراجع خاصة إذا كانت المناطق موضوع مساءلة وأمر غير مقبول
بشكل واسع كجزء متمم من الدولة، وقدم أمثلة على فك الارتباط
الفرنسي عن الجزائر، والاستقلال الايرلندي الذي ضمنته بريطانيا.
ولكن لا يوجد هناك بحر يفصل ما بين إسرائيل وفلسطين، والادعاءات
المعاكسة على المناطق للدولة الإسرائيلية.ويجب أن نشير هنا إلى أن لوستيك قد فشل
في أمرين:
الأول: عدم وجود بحر يفصل إسرائيل عن
فلسطين، كما أن المطالبات الإسرائيلية بالاحتفاظ بالمناطق لا
تزال قائمة.
الثاني: فشل لوستيك في تقدير
مدى تأثير «الحقائق على الأرض» على الحسابات الفلسطينية فيما
يتعلق بدعم الدولتين. إن هذه الحقائق ومع مرور الوقت تقلل من
فكرة عقد اتفاق يقوم على مبدأ إقامة دولتين التي يراها لوستيك
أمرا حتميا ومرغوبا فيه.
وبينما كان
النقاش حول «الوضع النهائي» للصراع بين الإسرائيليين
والفلسطينيين بعيدا عن الحل فإن أسس الشرعية والدعم للفصل بين
الشعبين أصبحت تتآكل بشكل مستمر أساسا بفعل ألممارسات الإسرائيلية الأحادية
الجانب.
نظريا فإن هذه
العملية يمكن عكسها، ولكن في الوقت الراهن لا يبدو أنه سيظهر
زعيم إسرائيلي أو فلسطيني أو حتى دولي باستطاعته تحويل
المسار.
ومن المهم أن
نعيد أن موضوع إقامة دولتين نفسها ليست عميقة أو متجذرة، مع أنها
برزت على السطح وتم تداولها بشكل كبير بين الفلسطينيين
والإسرائيليين بعد عام 1988، وأصبحت بعدها النصيحة التقليدية
خلال فترة التسعينيات.
والسؤال هنا هل يمكن الحكم على موضوع
إقامة دولتين قبل مرور عشر سنوات أخرى والتوصل إلى
نتيجة؟
هناك أمر واحد
مؤكد وهو أن إقامة دولة ثنائية القومية لن تظهر ولن ترى النور
لأن كل من ميرون بنغنستي أو قدورة قد انشأوا حزبا وحملة لذلك
الأمر. بل على العكس فإن تلك الحملة ستغير من اتجاهها لأن الفصل
أمر مستحيل ومشكوك فيه.
وكما أشار
الصحفي الإسرائيلي ألوف بن خلال الاستفتاء الذي أجراه حزب
الليكود قائلا:
«لقد انحرف الكلام
إلى اليسار والحقيقة تكمن في اليمين وان الفجوة بين المسارين قد
ازدادت واتسعت».إن إقامة دولتين ليس أمرا حتميا، كل
النزاع بين الشعبين وقد يتم إقحامها بين النقاشات
والحقيقة».
إسرائيل تشهد امتحانها
الجدي مع بدء تنفيذ القرار القانوني للحكومة
2005/08/15
ياعيل
غبيرتس
وسط تهديدات تشويش إخلاء المستوطنات
ومنطق التهديد السياسي والنفسي بعد سنين من الامتحانات
الوهمية ستجرب إسرائيل في هذا الأسبوع امتحان الواقع بين السلطة
وواجب تنفيذ القرار القانوني للحكومة والكنيست وبين تهديدات
تشويش إخلاء مستوطنات غوش قطيف وشمالي الضفة، وبين العملية
اللوجستية ومنطق التهديد السياسي والنفسي، يحسن أن نتمسك
بالحقائق: 1 ـ هل يمكن منع الانفصال؟ حتى قبل أن يخرج
الفُرقاء غدا لطرق أبواب البيوت، يكفي أن نري مدن الخيام المنظمة
التي أقامها الجيش الإسرائيلي علي الأرض في غضون الشهر الأخير
لكي يدرك كل ذي عقل أن الانفصال غدا موجود في نقطة لا رجوع عنها.
امتحان الانفصال المفروض علي الجيش هو الاهتمام بإخلاء
المستوطنات من المواطنين، وهكذا فانه لا يحتاج حتى إلي ربع القوة
البشرية، والتدريبات والبني التحتية المبذولة فيه. فعمل إجلاء
بضعة آلاف، علي يدي قوة مدربة تزيد علي 40 ألف جندي وشرطي، لعبة
نتائجها معروفة سلفا. 2 ـ من هم المُجلون؟ من المهم التفريق
بين الجوهري والتافه. إجلاء المستوطنين، الذي يجب تنفيذه كما قال
رئيس هيئة الأركان بحساسية وبتصميم، يتعلق بجماعة صغيرة أكثرها
محافظ علي القانون. لقد أصبح 50 في المئة من السكان قد رتبوا
خروجهم، ويعلن أكثر أولئك الذين اختاروا الاحتجاج السلبي إلي
الطرق المتكرر للباب في يوم الأربعاء، إنهم سيجلسون أو سيأخذون
بطريقة الاحتجاج السلبي. سيبقي للعدد العظيم من القوات المُخلية
أن تعالج فقط تلك الحفنة المسلحة التي تهدد بالتحصن. دراما
الانفصال وامتحان الانفصال يتعلقان بالمستوطنين فقط، وهم فقط
الذين يحتاجون إلي الشفقة لألم الانفصال. ليس كل الآخرين، وهم
عدة آلاف من المتسللين الذين يهددون بالتشويش علي الإخلاء، و
سرقة العرض، سوي مخالفي قانون. إنهم وصوليون مهتمون بالإحصاء
يريدون إلي كسب دراما سياسية والي أن يحاولوا خلق صدمة شعورية
علي ظهر الانفصال، ويجب علاجهم علي حسب ذلك. 3 ـ من هم
المُجلون؟ إنهم أبناؤنا وبناتنا نحن جميعا، الذين يرسلون في
المهمة بصلاحية وبإذن ـ بفعل الديمقراطية وبفعل ضمان التزام
الدولة الاهتمام بأمن مواطنيها علي إثر انسحاب الجيش الإسرائيلي.
إنهم أفراد شرطة وجنود في خدمة نظامية ودائمة، علمانيون، وواضعو
قبعات دينية، يأتون من مختلف فئات الآراء ومن كل أنحاء البلاد.
سيأتون إلي بيوت المُجلين بلا سلاح ومع عطف كبير علي ألمهم بعد
أسابيع من التدريبات المضنية في الغبار وفي الحرارة الشديدة،
أشرب فيها القادة نفوسهم أن الانفصال ليس عملا عسكريا بل هو عمل
مدني. يُدرك المُجلون أنهم الذراع التي تصل بها الدولة إلي بيوت
المستوطنين لترافقهم في طريق عودتهم إليها، وهم عازمون علي
تمثيلها علي الوجه الأنسب. غير أنهم شبان ومعرضون لضروب إظهار
العنف.
القوات المُخلية هي أُترجة امتحان الانفصال الذي
تواجهه الديمقراطية الإسرائيلية. وكل من يحاول أن يسِمهم بسمة
الأشرار في هذه القصة يبيح دمهم. كل من يجرؤ علي توجيه العنف
إليهم، فحكمه حكم المخرب ومنفذ الأعمال التفجيرية. وكل من يحاول
أن يَسِم وعيهم بوسائل صادمة فانه سيسِم نفسه في الوعي القومي
كعدو. لا ينتمي هذا للانفصال، هذا إعلان بالحرب. 4 ـ هل
الانفصال صدمة؟ الانفصال إجراء استراتيجي أكثر من كونه إجراء
سياسيا، محدودا جدا في سعته ومعانيه. مع كل العطف علي ألم
المُجلين في دولة جربت أحداثا عظيمة الصدمة يوصي بالحذر من تحقير
الصدمة. بغير ما صلة بالموقف السياسي، كدولة، لقد ربحت إسرائيل
من الانفصال. بعد سنين من الجدالات الوهمية نشأت لمواطنيها فرصة
لامتحان الحقائق والمواقف في ضوء النهار، وتجرب إسرائيل لأول مرة
نقاشا حقيقيا وفي قدرتها أن تفرض قراراتها الديمقراطية علي من لا
يقبلون علي أنفسهم بالحكم الديمقراطي. لقد ربح الجيش والشرطة
أيضا القدرة علي التعاون، ومُشايعة القوات المُخلية الدولة
وربحوا في الأساس الشحنة (التي يفقدونها) من الذكاء العاطفي
والضبط الشعوري اللذين يُحتاج اليهما في الاحتكاك بسكان مدنيين.
معارضو الانفصال الذين جندوا لنضالهم كل ترسانة الصدمة
وأولئك المحمولون علي مباركة رجال دينهم يعلمون انه بعد التاسع
من آب (في التقويم العبري) يأتي فصل عزوا، عزوا شعبي. إنهم لا
يعرفون فقط لماذا خرب الهيكل الثاني، بل يعرفون أيضا أن كل خراب
هو باب إلي التجدد والنمو السليم.
ياعيل غبيرتس كاتبة في
الصحيفة (يديعوت أحرونوت) 14/8/2005
انقسام الدولة إلي مملكتين
منفصلتين سيكون وصفة لخراب تام سياسي واجتماعي
2005/08/15
يعقوب
احيمئير
المتدينون
في إسرائيل يترأسون المعارضة ضد إخلاء المستوطنات رغم أن
العلمانيين هم من فكروا أولا بالاستيطان في الضفة الغربية
وغزة تغرس فيك أيام من الاستطلاع الصحافي في غوش قطيف هذا
أيضا: كان نضال إخلاء المستوطنات نضال إسرائيل العلمانية
الدينية. انه صدام الفتاوى ـ التي لا تحل النزول عن قطعة أرض من
ارض إسرائيل ـ المعطيات السكانية والاستراتيجية. هذا صدام أو قد
يكون حربا بين عهد الرب وإبراهيم وشعار السلام والأمن. ومثل كل
نضال يعتمد الدين أساسا، وليكن الدين ما كان، فان شدة حرارته
سترتفع فقط. فقيادة نضال إخلاء المستوطنات وسمت نضالها حتى الآن
بشعارات دينية بارزة.
هل استطاع قادة علمانيون بارزون، يعارضون إخلاء
غوش قطيف، حقا وصدقا، أن يجدوا مكانا لهم في هذا الجو الديني؟
الانطباع هو أنهم دفعوا أمام أناس قيادة مجلس يشع، وواضعي
القبعات الدينية، وأمام رجال الدين، يقينا. لقد اختار أشخاص
سياسة بارزون، علمانيون، مثل بنيامين نتنياهو أو عوزي لنداو،
وإسرائيل كاتس أو اليكيم هعتسني، أن يمكثوا في منتديات التلفاز،
بدل أن يمنحوا معارضتهم الإخلاء لباسا خارج ـ برلماني، في أزقة
سديروت واوفكيم. لقد اعتلي أكثر منصات الخطباء، واضعو قبعات
دينية منسوجة. حتى انه لم يسمع الصوت الواثق بلواء (احتياط)
يعقوب عميدرور، واضع القبعة الدينية، في المسيرات والحشود. يبدو
أن قيادة مجلس يشع لم تفهم المعركة، مع كل الصعوبة الراسخة،
الكامنة في التعارض العلماني الديني. حسب موجهي الدولة أيضا،
لسنين طويلة، إن الأمر حسن علي هذا الوجه، وكثير ممن يغطون ما
يجري في يشع ـ تغطية صحافية هم صحافيون متدينون أو ذوو أساس
ديني. إن أناسا علمانيين، من مثل رئيس هيئة الأركان السابق، دان
شومرون، وهو كيبوتسي من أشدوت ـ يعقوب، والذين لا تقوم معارضتهم
إخلاء غــوش قطيف علي عهد الرب وابراهمي، استخفوا وخرسوا تقريبا.
أما مسيرات الاحتجاج، وهي في الحق سلاح متآكل وتقليدي تماما، فقد
ملأتها أسماء رجال الدين. كان الأديب العلماني إيل مغيد، كما
يبدو، وحيدا في علمانيته علي المنصة. وكذلك أيضا المطرب اريئيل
زِلبر. هذا انقلاب اجتماعي كامل في نضال إخلاء المستوطنات.
لقد فكرت بإقامة المستوطنات في الضفة الغربية وغزة، قيادة
علمانية بارزة: إسرائيل جليلي، ويغئال ألون، وحاييم جبتي، ويوسف
تبنكين ـ وشمعون بيريس واريك شارون. لكن أخذ بزمام التنفيذ ـ
القادمون من بني عكيفا، مؤسسو غوش ايمونيم. كان الأستاذ الموجه
للعلمانيين، يهوديا ذا لحية كثة هو تبنكين وكان اشتراكيا بلا
إله. وكان حاخام المتدينين الحاخام تسفي يهودا، ولا حاجة إلي
زيادة اسم عائلته: كوك. لقد حمل رؤيا ارض إسرائيل الكاملة في
بدايتها سكان نهلال، وكفار يحزقيل، وعين فيرد وأكثرهم مجاهيل.
لكن أيام الاحتجاج الأخيرة تدلنا علي أن المدرسة الدينية مركاز
هراف غلبت دائرة عين فيرد، التي ربما تكون أثرا من القيمة
العلمانية لـ ارض إسرائيل الكاملة، التي كانت مرة بلا غطاء
رأس. هل، والعياذ بالله، سيحدث النضال القادم بين إسرائيل
الإسرائيلية وإسرائيل اليهودية؟ هل ستكون هنا دولة إسرائيل
واحدة، أو ستكون مملكتين منفصلتين، وهي وصفة لخراب تام، سياسي
واجتماعي؟
يعقوب احيمئير كاتب في الصحيفة (معاريف)
14/8/2005
|