Report 16 Avi
Shlaim-Amira Hass
أنت الزائر رقم:
كاتب المقال: تيسير نظمي |
|
تاريخ
المقال: 3/9/2005
|
من المسؤول عن «ارهاب» كاترينا
؟ |
لم يقم اي من اعضاء «القاعدة»
باعلان مسؤولية «الارهاب» عن اعصار وفيضانات ولاية
لويزيانا الامريكية، كما ان الادارة الامريكية لم تتطرق
للموضوع لا من قريب ولا من بعيد. وكان بامكان مصدري
الفتاوى من المحافظين الجدد ان يقولوا ايضا ان المسلمين في
صلواتهم طلبوا من الباري عز وجل ان ينزل عليهم الاعصار
فاستجيب لدعواتهم، لكن السرقات والنهب والسلب الذي تكشفت
عنه الحضارة الغربية بكل جشع الانسان ضد اخيه الانسان حتى
في امريكا نفسها احرجهم عن التطرق الى ذلك، والضحايا
والخسائر التي لم تدفع لها امريكا في تاريخها مثيلا جعلت
فقراء المسلمين وغير المسلمين محسودين على تماسكهم
وترابطهم في الشدائد. واذا كانت امريكا اطلقت على جميع
حركات التحرر في العالم اسما بائسا مثل «الارهاب» فماذا
نسمي انشغال البوليس في كاترينا ليس بإنقاذ الضحايا من
الطوفان وانما من السرقات والارهاب المخبوء والمؤجل الذي
يريد الاستيلاء على لويزيانا وربما اعلانها دولة مستقلة !
البوليس الامريكي منشغل ايضا بانه لا يجد سجونا يودع فيها
من تم القبض عليهم بتهم مثل القتل والسرقة وممارسة العنف
والنهب والسلب والاستيلاء على مأكولات الغير. اية حضارة
واي صراع حضارات ؟ لكن «اللي استحوا ماتوا» او غرقوا
ونقترح من قبل المشاركة بالعزاء لبشر ابرياء ومن قبيل
الاغاثة ان يرسلوا بمن القي عليهم القبض الى الدول العربية
رغم اكتظاظ سجونها، لكن على الاقل هذا ما يمكننا تقديمه
بعيدا عن الاعصار الطبيعي والرباني وقريبا من اعصار الشعوب
العربية الذي بدأت تسخن اجواؤه، فاعصارنا اقوي وكذلك اكثر
رحمة ولصوصنا الكبار في وضح النهار ينعمون بالامن والحرية
والازدهار. اما اذا كانت الادارة تخشى من دخولهم في
الاسلام وبالتالي «القاعدة» فان قاعدة الارهاب اتت واضحة
في فلسطين وفي العراق. |
آفي شلايم وتهرب
إسرائيل من مواجهة التاريخ وتزييفها له
حلمي
موسى
قبل خمس سنوات أصدر
المؤرخ آفي شلايم باللغة الإنكليزية كتابا بعنوان <<السور
الحديدي، إسرائيل والعالم العربي>>. ورغم الاهتمام
الإسرائيلي الواسع بالترجمة فإن خمس دور نشر إسرائيلية رفضت
طباعة الكتاب وتوزيعه باللغة العبرية. وكان آفي شلايم في نظر
المؤسسة الإسرائيلية ليس أقل من <<عدو للشعب>>.
ومن الجائز أن أحد أسباب العداء للكاتب والكتاب هو استخدامه
لفكرة الأب الروحي لليكود زئيف جابوتنسكي حول <<السور
الحديدي>>. وقد قصد جابوتنسكي تشكيل سور حديدي يحفظ منعة
إسرائيل، في حين قصد شلايم أن هذا السور أقيم أصلا ضد إقامة
السلام مع العرب. ولكن أسباب عدم الاهتمام بكتاب شلايم تتمثل
في أنه يخالف الرواية الإسرائيلية الرسمية ليس في الهوامش وإنما
في الصميم. فبوصفه أحد أبرز الأكاديميين الإسرائيليين في
بريطانيا حلّل السياسة الإسرائيلية تجاه العرب عموما والشعب
الفلسطيني خصوصا استناداً للوثائق والمعطيات الراسخة. وأظهر أن
يد إسرائيل لم تكن أبداً ممدودة للسلام مع جيرانها. وقد
اعتبر شلايم إصدار كتابه بالعبرية تحدياً للإسرائيليين إن أرادوا
التفكير بشكل واقعي. وحسب رأيه فإن الكتاب سواء لمن سوف يقتنع به
أو من سيختلف معه سيشكل إغناء للنقاش السياسي الدائر في إسرائيل.
والواقع أنه يكفي الإسرائيليين قراءة الإشارات الإيجابية
للكتاب في المقالات النقدية في كبرى المجلات العالمية المختصة كي
يكون لهم رأي مخالف. فقد اعتبرته صحيفة <<التايمز>>
اللندنية <<كتاباً جريئاً>>، فيما اعتبرته مجلة
<<فورين أفيرز>> <<أحد أفضل التوصيفات المثقفة
عن العلاقات الإسرائيلية العربية>>. أما مجلة
<<نيويورك تايمز بوك ريفيو>> فرأت أن الكتاب
<<مثير... وشلايم يعرض براهين مقنعة عن أن هناك مجالاً
لإعادة النظر في التاريخ الإسرائيلي المعهود>>. ويكفي
الكتاب مديحاً ما قالته عنه صحيفة <<واشنطن بوست>>
من أن <<شلاييم قدم استعراضاً بالغ القوة لخمسين سنة من
السياسة... تدفع حتى الخبراء لتقديم الشكر له>>. أما
المفكر الراحل إدوارد سعيد فوصف الكتاب في حينه بأنه
<<معلم من معالم الطريق في البحث المعاصر لشؤون الشرق
الأوسط>>.
ومن باب التندر أن كتاب شلاييم يكشف لأنه في أعقاب
المؤتمر الصهيوني في بازل قرر حاخامات فيينا فحص أفكار هرتسل
فأرسلوا اثنين منهم إلى فلسطين. وقد فحص الوفد الموضوع وخلص إلى
التالي <<إن العروس جميلة، لكنها متزوجة من رجل
آخر>>. وربما لهذا السبب ثمة معنى لما يقوله
الإسرائيليون عن شلاييم وكتابه. فتعقيباً على المقابلة في
<<هآرتس>>، علق القراء بأقوال من هذا القبيل:
<<لا أفهم هذا التأثر بالدجال. فتاريخ دولة إسرائيل هو ما
يحدث هنا الآن. وهناك رجال على قيد الحياة عاشوا تلك التجربة.
فعلى من يحاول هذا الدجال تمرير أكاذيبه>>. ورأى آخر أن
شلاييم ليس سوى <<تافه مجنون آخر>>. غير أن قارئاً
يمينياً على ما يبدو كتب أن <<تيار مباي العمالي لم يكن
يريد السلام. وهذه حقيقة>>. وأشار رابع إلى الجنون الكامن
في ادعاء أن <<العرب كانوا يريدون السلام>>. وتساءل
خامس: <<هل كتب علينا أن نكون شعب الدجالين؟>>.
تجدر الإشارة إلى أن كتاب شلاييم ترجم إلى اللغات الإيطالية
والبرتغالية والأسبانية والعربية. ولكن الترجمة العربية لم تحظ
على ما يبدو بالانتشار.
يدُنا الممدودة ..
للحرب
ميرون
رافوبورات
هناك حاجة للكثير من
الخيال لتصديق أن الرجل رمادي الشعر وغير الرياضي حقاً، الذي دخل
المقهى بخطى مترددة وخجلة تقريباً، هو في جوهر الأمر عدو الدولة.
هو الشخص الذي قال عنه اريك شارون وعن أشياعه أنه <<لا
يحِل تدريسهم>> في المدارس. وهو الشخص الذي اهتمت وزيرة
التربية ليمور ليفنات على كسح تأثيره وتأثير رفاقه من الكتب
الدراسية عندما تولّت عملها. وهو الشخص الذي يراه حشد واسع يبتدئ
بأنيتا شابيرا وشبتاي تبات، وينتهي إلى دان مرغليت وبن درور
يميني وكثير أخيار آخرون، ويرون رفاقه مُهرّجين في الحالة الأفضل
وأناساً يجلبون الضرر في الحالة الأسوأ.
ويبدو أنه بالرغم من
مظهره الساذج جداً، مع الشعر الجعد والحديث والبطيء، فإن آفي
شلاييم الضلع الثالث والأقل شهرة في جماعة المؤرخين الجُدد يعلم
أنه كذلك، ضرْب من عدو الشعب، حتى إنه ليستمتع بذلك متعة
بريطانية دقيقة. والآن يأتي إلى إسرائيل، مسلّحاً بكتابه
<<السور الحديدي، إسرائيل والعالم العربي>>. بعد
أن تقرأ صفحات الكتاب ال573 يمكن أن تفهم لماذا لا يريد شارون
وليفنات أن يدرسوا شلاييم ها هنا: فبكتابة سيالة، تعتمد على
الحقائق، يستعرض تسلسل اتصالات إسرائيل بالعالم العربي منذ 1948
إلى 2000، ويجزم أن <<مهمة المؤرخ هي الحكم>>، كما
يقول، لأن القصة الإسرائيلية عن أن إسرائيل مدّت يدها للسلام
دائماً، ولكن لم يكن من تتحدث إليه ليس لها ما تقوم عليه. فقد
مدّ العرب مرة تلو أخرى أيديهم للسلام، كما يجزم شلاييم، وردّتها
إسرائيل دائماً. وفي كل مرة بعلّة مختلفة. نحن ضحايا النزاع
آفي شلايم بين المؤرخين الجدد، هو المؤرخ الأكثر
<<كلاسيكية>> إذا صحّ القول. فقد بدأ بيني موريس
صحفياً ذا ضمير، ومكث في السجن العسكري لرفضه الخدمة في لبنان،
وانطلاقاً من نقطة البدء هذه وصل إلى كتابه <<التاريخ
الجديد>> لنشوء مشكلة اللاجئين. وكان إيلان بابيه نشيطاً
في اليسار غير الصهيوني قبل أن يسافر لاستكمال دراسته للدكتوراه
في اوكسفورد وقبل أن يخرج في حملة صليبية للدفاع عن بحث
الماجستير لتيدي كاتس التي زعمت أنه جرت مجزرة في الطنطورة على
سكان القرية. لم يأت آفي شلاييم من خلفية سياسية. لقد درس
التاريخ في كامبردج وهو يهدف إلى أن يخدم في نهاية الأمر
كدبلوماسي في وزارة الخارجية الإسرائيلية، وهو عمل رسّخته له
أمه، التي أحبّت وزارة الخارجية البريطانية حينما وجدت عائلتها
ملاذاً في السفارة البريطانية في بغداد زمن أحداث الشغب المضادّة
لليهود هناك عام 1941. وبعد أن درس لعدة سنين العلاقات
الدولية في جامعة ردينغ (وتخصّص في الشؤون الأوروبية)، وفقط بعد
أن انتقل إلى اوكسفورد، ابتدأ يهتم بتاريخ ذلك البلد، إسرائيل،
الذي قضى فيه من عمره بين الخامسة إلى السادسة عشرة وخدم فيها
الخدمة العسكرية لسنتين وربع السنة. ابتدأ هذا الاهتمام، بدرجة
غير ضئيلة، بفضل أحد التلاميذ، قرأ بحثه للدكتوراه كفاحص خارجي،
كان اسم التلميذ إيلان بابيه. الصدفة هي التي دعت المؤرخين
الجدد إلى السكن في المحيط نفسه. في عام 1988 أصدر سمحا فلفلان
كتابه <<مولد إسرائيل: الأساطير والوقائع>>، وأصدر
إيلان بابيه كتاب <<بريطانيا والنزاع اليهودي
العربي>>، وأصدر بيني موريس كتاب <<ولادة مشكلة
اللاجئين الفلسطينيين>>، وأصدر شلاييم كتاب <<صدام
وراء الأردن: الملك عبد الله، الحركة الصهيونية وتقسيم
فلسطين>>.
هاجم شبتاي تبات وكاتب
السيرة الذاتية لبن غوريون، آنذاك، فوق صفحات
<<هآرتس>>، هجوماً ساحقاً ما سماه <<المؤرخين
الجدد>>. ردّ عليه بيني موريس، وتابع هو وإيلان بابيه
القيام بهذه الحرب، التي تجاوزت على نحو سريع جداً مجرد الجدل
الأكاديمي. ولكن في حين كان موريس وبابيه يُصارعون هنا
المدافعين عن أسوار <<التاريخ القديم>>، ذاك الذي
زعم بأن اللاجئين الفلسطينيين تركوا طوعاً وبأن الحركة الصهيونية
بحثت عن السلام دائماً، بقي شلاييم في بريطانيا، وتابع التدريس
في اوكسفورد، ونشر المقالات عن النزاع الإسرائيلي العربي. صدر
كتاب <<السور الحديدي>> في بريطانيا في عام 2000،
وبيع منه أكثر من 45 ألف نسخة وهو لذاك يعتبر كثير المبيع
بمصطلحات أكاديمية. ومنذ ذلك الحين تُرجم إلى أربع لغات، إلى
العربية أولاً والى البرتغالية آخراً في البرازيل. الآن فقط،
عقب مبادرة يعقوب شاريت، ابن موشيه شاريت، الذي قرّر ترجمة
الكتاب من تلقاء ذاته، يصدر الكتاب بالعبرية. وليس ذلك قبل أن
توجه شلاييم إلى خمس دور نشر في إسرائيل يطلب أن تترجم الكتاب،
ورُدّ عن ذلك، <<غير مثير للاهتمام>>، أجابوه. هذا
كتاب شلاييم الأول الذي يصدر بالعبرية. ليس المسار الأكاديمي
لشلاييم فقط يختلف عن مسار رفاقه. بل خلفية السيرة الذاتية
أيضاً. فقد ولد بابيه على الكرمل في حيفا، وولد موريس في
بريطانيا، وولد شلاييم في بغداد في عام 1945، ابناً لعائلة ثرية،
في بيت فخم من ثلاث طبقات، ومع عشرة خدام وخادمات، وخادم خاص
يمضي إلى السوق للشراء، كان أبوه مستورد موادّ بناء وكانت له
علاقات برؤساء السلطة في بغداد، وفيهم رئيس الحكومة آنذاك نوري
السعيد. <<أكثر الوزراء كانوا زبائنه>>، يقول
شلاييم، <<كانوا يأتوننا في البيت ويطلبون موادّ بناء
لبيوتهم. لم يدفعوا قط لكنهم عوضاً عن ذلك استدعوا منه أعمالاً
للحكومة ودفعوا أكثر بكثير مما كان مطلوباً. كان ذلك فساداً،
لكنه لم يكن فساداً وحشياً كما كان لدى صدام حسين. كانت تلك
ثقافة سياسية عربية قديمة، ثقافة المصالحة>>.
يصف شلاييم بيتاً لم تكن اليهودية فيه عنصراً ذا شأن
في هوية والديه. <<كانت اليهودية طقوساً>>، كما
يقول، <<كان والداي يمضيان مرة واحدة في السنة إلى الكنيس،
وفي البيت تحدّثنا العربية اليهودية، وسمعنا موسيقى عربية. ولم
تكن الصهيونية أيضاً شيئاً مهماً، لم تكن لوالدتي أي عاطفة
نحوها. كان هناك وكلاء صهاينة حاولوا نشر الدعاوة، لكن ذلك لم
يؤثر في النخبة اليهودية، ولا في الطبقة المتوسطة. لم يكن في
العراق تراث المعاداة أو معاداة السامية>>. حدثت
المجزرة الأولى في عام 1941، في فرهود، في أثناء التمرد العراقي
(المناصر للنازية) على السلطة البريطانية. بدأت المشكلات
الحقيقية مع حرب التحرير، كما يقول شلاييم، وعندها بدأ التنكيل.
وبلغت الأمور الذروة عندما أُلقيت قنبلة على الكنيس الرئيس في
بغداد في عام 1951، <<ومنذ ذلك الحين إلى اليوم تدور
شائعات تقول إن عميلاً إسرائيلياً هو الذي قذف القنبلة>>.
وهل حاولت، كمؤرخ، الفحص عن هذه
الشائعات؟
طلبت الحصول على ملف
بغداد من أرشيف الدولة. وبالرغم من أن هذه الوثائق يجب أن
تُحرّر، بحسب القانون، فقد قالوا لي إن الملف مُغلَق ولن أستطيع
رؤيته. قال في أحد معارفي إنه فحص عن الملف وليست فيه أي مشاركة
إسرائيلية. ويُنكر جميع المشاركين في موضوع تهجير يهود العراق
إلى إسرائيل شلومو هليل، ومردخاي بن بورات أنه كانت مشاركة كتلك.
وماذا تعتقد؟
لا أملك ما يكفي من
الأدوات، كمؤرخ. أعرف فقط أن شاريت كتب في يومياته، في أثناء
العملية المُخزية في مصر (التي خبأ فيها عملاء إسرائيليون قنابل
في دور سينما في القاهرة لإثارة النزاع بين مصر وبريطانيا) أنه
<<كان في العراق حالة مشابهة>>. انه لا يُفصل، لكن
شاريت خامره أن الموساد رمى القنبلة. اعتقد ولا أستطيع البرهنة
انه كان تفاهم بين حكومة العراق وحكومة إسرائيل، تفاهم لا اتفاق.
طلبت إسرائيل إلى العراق تهجير اليهود إلى إسرائيل،
وقال العراقيون: لا
نعارض، لكن اليهود يشغلون هنا أعمالاً رئيسة في الاقتصاد
العراقي. وعندها قالت إسرائيل: أبقوا أملاك اليهود عندكم. هذا
يلائم تصرّف حكومة العراق. بعد قذف القنبلة فوراً، بدأت حالة ذعر
عند يهود العراق، وعندها أصدرت الحكومة قانوناً وبحسبه كل عراقي
كتبوا عراقي، لا يهودي يريد أن يخرج من الدولة يستطيع الخروج إذا
ما سُجّل حتى تاريخ معين، لكنه سيُضطر إلى التنازل عن مواطنته.
سُجل مئة ألف من ضمن 130 ألفاً من يهود العراق، وفي ضمنهم أبي.
وعندها، وفي الحال بعد ذلك، صدر قانون جديد قرر أن كل عراقي
تنازل عن مواطنته، يتنازل عن سائر حقوقه، وفي ضمن ذلك حقوق
الملك. كان أبي على ثقة من انه سيكون له ما يكفي من الزمن لبيع
ملكه، لكن تبين له آنذاك أنه فقد كل شيء: البيت والمخازن
والبضائع وقيمة ذلك نصف مليون جنيه إسترليني في ذلك الوقت. وقد
اضطر في النهاية أيضاً إلى الانسلال من الحدود إلى إيران على ظهر
حمار، لأنه كان قد تكفّل بدين يهودي آخر اختفى. أنا وأمي
وإخواني، مع مواطنتنا البريطانية، خرجنا من العراق في رحلة طيران
عادية إلى قبرص ولقينا أبي في إسرائيل. إذن هل تقبل زعم أفراد <<القوس
الشرقية>> الذين يقولون إنهم هجروا اليهود من البلدان
العربية إلى إسرائيل لمنح الصهيونية في إسرائيل موادّ
البناء؟
هذه النظرية مُقنعة
جداً. انتصرنا في حرب التحرير وأقمنا دولة، لكن عدد السكان كان
صغيرا جداً، أقل من مليون. كانت الأفضلية الأولى عند بن غوريون
هي الهجرة إلى البلاد، ولم يكن الاحتياطي الأكبر من اليهود في
أوروبا بل في البلدان العربية. لسنا لاجئين، ولم يطردنا أحد من
العراق، ولم يقل لنا أحد أننا غير مرغوب فينا. لكننا ضحايا
النزاع الإسرائيلي العربي.
يعرف ما هي القومية هبط شلاييم،
وهو آنذاك في الخامسة، مع والديه في رمات غان. نجح أبوه في جلب
قليل من المال معه، وحاول أن يقوم هنا بأعمال، لكنه فشل.
<<خدعوه. في بغداد إذا كنت تُعطي صكاً وكان يرجع فإنك لم
تكن تُبدي سحنتك بعد ذلك. أما هنا فكان الأمر علاقة شرف>>،
كما يقول شلاييم. أمه، التي لم تعمل يوماً واحداً في حياتها،
وجدتَ عملاً كعاملة هاتف في بلدية رمات غان. لقد اندمجت اندماجاً
حسناص. وقد دبّر هو وإخوانه أيضاً أمورهم على نحو لا بأس به.
تعلّموا العبرية سريعاً، وإن كانوا قد تابعوا التحدّث مع
الوالدين في البيت بالعربية. لقد سبّب له أبوه الخجل قليلاً،
وبخاصة عندما كان يناديه بالعربية في الشارع، لكنه لم يجرؤ على
أن يطلب إليه ألا يناديه بالعربية أمام الغرباء. <<كان
إنساناً محطماً، لكنه تابع اللبس والتصرف كإنسان جليل، مؤدب
جداً، لم يثر ولم يتحمّس>>، كما يقصّ شلاييم، <<لقد
جلب معه من بغداد كل الملابس التي خاطها له خياطه من قماش
إنجليزي، لم يكن له عمل وكان ينزل إلى الشارع، وعليه حُلة وقميص
مكوّي ورباط عنق، ويمضي إلى المقاهي ليجلس إلى أصدقائه من
العراق، الذين لم يكن لهم عمل أيضا. وجالوا هم أيضاً وعليهم
حُللهم في الشارع>>. وهل
حاولت التحدّث إليه؟ لم يتكلّم عن العراق،
لقد سكت. يهمّني اليوم تمزّقه ويهمّني لماذا لم يتكلم آنذاك.
ربما تكلّم ولم أهتمّ. فالأولاد، كما يبدو، لا يهتمّون بالتاريخ.
مات في عام 1971.
كان غير قليل من
الأولاد العراقيين في الغرفة الدراسية لشلاييم، في رمات غان، لكن
اليهود الغربيين في الصف كانت لهم الغلبة. <<لم ألق
تمييزاً، ولم أشعر بأنني مظلوم، لكن كان الجو أنّ كل شيء غربي
حسن، وان كل شيء عربي هو متخلّف>>، يقول شلاييم.
<<شعرت بإنجاز عندما كان عندي أصدقاء من اليهود الغربيين.
أذكر أن أحد الأولاد وضع يده على كتفي وقال لي: أنت أفضل
أصدقائي. وأدهشني أنه لا يشعر بأنني مُنحطّ>>. في
الصف، جلس شلاييم في المقعد الأخير، لم يحضر الدروس، ولم تصدر
عنه نباغة. كانت درجاته سيئة. وقد اجتاز امتحان التأهيل للثانوية
على نحو أدهش الجميع، حتى لقد فوجئت مربيّته، واهتمّت بأن تقول
له ذلك. بعد سنين من ذلك التاريخ قررت أمه لإنقاذه من براثن
المدرسة الثانوية التي تنبّأت له بفشل متيقن، أن ترسله إلى
بريطانيا، إلى أخيها الذي هاجر إلى هناك بعد الخروج من العراق.
وصل شلاييم لندن في سن السادسة عشرة في عام 1962، تعلّم في مدرسة
يهودية، ولم يشعر هناك بالغربة. على العكس، فقد جعلته حقيقة
مقدمه من إسرائيل نجماً، وشخصاً جذاباً. أنهى الثانوية بدرجات
مرتفعة، وعاد إلى إسرائيل ليخدم في الجيش، وما يزال يذكر إلى
اليوم مراسم قسمه في ابتدائه. <<كان ذلك في جبال
يهودا، وكان الشعار <<بالدم والنار سقطت يهودا، وبالدم
والنار ستقوم يهودا>>. أذكر أن شعوري كان بأننا محاطون
بالعدو وبأنني على استعداد للموت من اجل الوطن. يساعدني هذا
اليوم كباحث. أعرف ما هو الشعور القومي. شعرت به في
داخلي>>.
بعد الجيش عاد لدراسة
التاريخ في جامعة كامبردج، وتزوّج بحفيدة لويد جورج، الذي كان
رئيس حكومة بريطانيا زمن وعد بلفور، وعاد إلى البلاد يهدف إلى أن
يُقبل في وزارة الخارجية الإسرائيلية، لكنه بُشّر آنذاك بأنه حصل
على عمل محاضراً في جامعة ردينغ في قسم العلاقات الدولية. في عام
1987 قبل أستاذ كرسي في جامعة اوكسفورد وكان أستاذاً مشاركاً في
كلية سانت انطونيو المجيدة. وقد وصل إلى كل ذلك، في مبلغ علمنا،
بلا تخفيف عن الشرقيين. لم أشعر
بالخزي في بداية حياته الأكاديمية، كما يقصّ شلاييم،
قرّر على وعي ألا يشغل نفسه بالنزاع في الشرق الأوسط. لكن جُرّ
رويداً رويداً. فمقالة هنا، ومقالة هناك. في عام 1982 جاء إلى
إسرائيل مع منحة ليكتب بحثاً عن تأثير الجيش الإسرائيلي في
السياسة الخارجية الإسرائيلية. وفي ذلك الوقت بالضبط فتحت
الأرشيفات التي تبحث عن حرب 1948، ووجد شلاييم نفسه يجلس في
أرشيف الدولة أياماً متوالية. <<عند ذلك كُشف عن غطاء
بصري>>، يقول. <<كان لديّ علم اكتسبته في الصغر
وآمنت بطهارة سلاح إسرائيل، وآمنت بأن إسرائيل كانت الضحية.
تجلّت لي وثائق بيّنت لي أشياء أخرى>>. قال لي بيني
موريس لحينه إنه كان يفرح للكشف التاريخي إذا وجد وثيقة برهنت
على مجزرة أو أعمال قتل، لكنه لم يشعر بالخزي كإسرائيلي. بماذا
شعرت؟ <<لم أشعر في أرشيف الجيش الإسرائيلي ولم تنكشف
لي أعمال قتل أو غضب. عملت في وثائق دبلوماسية. لم أشعر بالخزي،
لكنني دهشت. علمت أن هناك فرقاً في كل دولة بين الخطابة والعمل،
لكنني لست أعرف أي دولة يبلغ الفرق بينهما فيها ما يبلغه في
إسرائيل. فالقادة، جميعاً يتحدّثون عن السلام. فقد اعتادت غولدا
القول إنها على استعداد للسفر إلى أي مكان في العالم لصنع
السلام. لكن هذه لم تكن أقوالاً صادقة. ففي الأرشيف، في الوثائق
الإسرائيلية، وجدت أن زعماء العرب كلهم كانوا أناساً عمليين،
أناساً أرادوا السلام.
<<خذ مثلاً حسني الزعيم (رئيس هيئة الأركان
السوري الذي تولّى الحكم في عام 1949 وأُبعد بعد عدة أشهر). قال
إن طموحه أن يكون الزعيم العربي الأول الذي يصنع السلام مع
إسرائيل. لقد اقترح تبادل سفراء، ووافق على استيعاب ربع مليون
لاجئ فلسطيني في سوريا، لكنه طلب أن تمرّ الحدود في وسط بحيرة
طبريا. لم يُنذر في شأن سائر اللاجئين. دُهشت للردّ الإسرائيلي.
قال بن غوريون: أولا نوقّع على اتفاقات وقف إطلاق النار مع
سوريا، وننظر بعد ذلك. حطّم هذا ما تعلّمته في حداثتي. لا يعني
هذا أن بن غوريون لم يُرد السلام، لكنه أراده على أساس الوضع
الراهن. قالت إسرائيل آنذاك إنه لا يوجد من تُحادثه. والحقيقة هي
أنها قالت في الأساس إنه لا يوجد ما يُتحدث فيه>>.
بناء على هذه المعرفة، التي ولدت بين رفوف أرشيف الدولة في
القدس، كتب شلاييم كتابه <<صِدام وراء الأردن>>،
الذي صدر كما قيل آنفاً في نفس السنة مع كتب موريس، وبابيه
وفلفلان أولئك <<المؤرخين الجدد>> سيئي الذكر أو
حسني الذكر، والأمر متعلّق بالناظر. في المقالة التي كتبها
شلاييم قبل بضع سنوات لخّص ما يبدو في نظره المزاعم الخمسة
الرئيسة للمؤرخين الجدد: الصيغة الرسمية قالت إن بريطانيا حاولت
منع إقامة دولة يهودية، وزعم المؤرخون الجدد أنها حاولت أن تمنع
إقامة دولة فلسطينية؛ وقالت الصيغة الرسمية إن الفلسطينيين هربوا
من بلادهم طوعاً، أما <<الجدد>> فقالوا إن اللاجئين
هُربوا أو طُردوا؛ وقالت الصيغة الرسمية إن علاقات القوة مالت
لمصلحة العرب، أما <<الجدد>> فقالوا إن إسرائيل كانت
ذات امتياز أيضاً في القوة البشرية وفي السلاح؛ وقالت الصيغة
الرسمية إن العرب كانت لديهم خطة منسّقة لإبادة إسرائيل، أما
<<الجدد>> فقالوا إن العرب كانوا موزعين؛ وقالت
الصيغة الرسمية إن العناد العربي منع السلام، أما
<<الجدد>> فقالوا إن إسرائيل آثمة في الأساس في
الطريق المسدود.
هذه الجماعة توزّعت في هذه الأثناء، فالثورة الفكرية
التي مرّت على موريس بعد هيجان الانتفاضة الثانية التي سُوّغ في
إطارها طردُ الفلسطينيين في عام 1948، أبعدته عن شلاييم .
<<لقد خرج عن الإجماع وعبّر عن آراء عنصرية>>، يقول
شلاييم، <<هذا يمسّني كباحث>>. وأخطأ بابيه، في زعم
شلاييم، في أنه دافع دفاعاً سياسياً عن العمل البحثي لتيدي كاتس
والذي يمسّ مجزرة الطنطورة، وأخطأ أكثر عندما أيّد القطيعة
الأكاديمية لإسرائيل. <<تلك فكرة غبية متناقضة
تماماً>>، يقول، <<لست مستعداً على أي حال لتأييد
حظر على الحوار>>. لكنه يحافظ، في هذا المقام، على علاقات
شخصية حسنة معهما كليهما. اهتمّ شلاييم سلفاً بالنقطة
الأخيرة من بين النقاط الخمس التي تحدّث عنها المؤرخون الجدد:
لقد اهتمّ بتاريخ <<الطريق المسدود>> في علاقات
إسرائيل بالعالم العربي. <<السور الحديدي>> تاريخ
مختصَر لهذا الطريق المسدود. يأخذ الكتاب اسمه من المقالة
الشهيرة التي نشرها زئيف جابوتنسكي في عام 1923. <<لا يمكن
أن نحلم باتفاق طوعيّ بيننا وبين عرب ارض إسرائيل>>، كتب
جابوتنسكي في تلك المقالة، <<وعلى هذا يستطيع الاستيطان أن
ينمو في ظل القوة التي لا تتعلّق بالسكان المحليين، من وراء سور
حديدي لا يكون في إمكان السكان المحليين خرقه>>. كان
جابوتنسكي آنذاك في قلة. كانت مباي هي الكثرة، واحتقر بن غوريون
آنذاك جابوتنسكي. ولكن في واقع الأمر، كما يزعم شلاييم، فإن بن
غوريون والحركة الصهيونية ودولة إسرائيل بعقبها أخذوا بنظرية
<<السور الحديدي>>، أي أنهم صدقوا أن الشيء الوحيد
المهم هو <<إقرار حقائق ميدانية>> ولهذا فلا داعي
للتفاوض مع العرب. نسوا فقط، كما يلاحظ شلاييم، الخاتمة في مقالة
جابوتنسكي حيث يقول إنه بعد أن يُسلم العرب ب<<السور
الحديدي>>، فسيكون في الامكان محادثتهم في تنازلات.
السنوات العشر الأولى لدولة إسرائيل تبرهن، بحسب
شلاييم، على هذا الزعم. فقد أراد فاروق ملك مصر تسوية، وردّته
إسرائيل. وأراد عبد الله ملك الأردن تسوية، وردّته إسرائيل
أيضاً. ولقد تحدّثنا عن حسني الزعيم من سوريا آنفاً. حتى إن
العدو الكبير عبد الناصر، كما يكشف شلاييم في أحد الكشوف
المفاجئة في الكتاب، أرسل مندوبين، حتى لقد أرسل رسالة شخصية إلى
شاريت، الذي كان آنذاك رئيس الحكومة، يهدف إلى تلمّس طرق
التسوية. ولقد رُدّ رداً قاطعاً. يظهر من الكتاب إحساس واضح
بدولة لا تعرف الشبع. ودَيان، الذي كان آنذاك رئيس هيئة الأركان،
يضغط لمحاربة مصر لاحتلال قطاع غزة وشرم الشيخ، و<<يثير
اقتراحاً>> لاحتلال الضفة. ويضغط يغئال ألون لإصلاح
<<بكائية الأجيال>> التي تمّت في عام 1948، ولاحتلال
الضفة وضمها. ويتلهى بن غوريون ذات مرة بهذه الفكرة ومرة أخرى
بفكرة أخرى، وفي عام 1956، قبل لحظة من عملية سيناء، يبسط حلمه
الكبير أمام أصدقائه الجدد من فرنسا: ستحتلّ إسرائيل شبه جزيرة
سيناء، وستحتلّ الضفة الغربية مع شق المملكة الأردنية وستصل إلى
الليطاني مع إقامة دولة مارونية في شمال لبنان. كل القمة
الإسرائيلية (ما عدا موشيه شاريت)، كما يقول شلاييم، أخذت بفكرة
<<السور الحديدي>>. أما الجدل الوحيد فكان على مكان
نصبه. كل لقاء مهم كان
مردخاي (مورليه) بار أون هنالك عندما كشف بن غوريون عن
<<خطته الكبيرة>> في قصر سفير بقرب باريس. لقد عمل
آنذاك رئيساً لمكتب ديان، وكان مشاركا في اتصالات سرية كثيرة
وغير سرية. اليوم هو نفسه مؤرخ، وصديق شخصي لشلاييم. نحن نجلس
على شرفة بيت بار أون في القرية الألمانية في القدس، وهي ملاذ
لنخبة إسرائيلية، ومكان لم يكن شلاييم منتسباً إليه في أي مرة،
ويتحدثان فيما حدث.
كان بار أون نشيطاً في <<سلام الآن>>،
وهو لا يخالف شلاييم مخالفة حقيقية فيما يتعلق بالحقائق. لكنه
يخالفه جداً فيما يتعلق بالتأويلات التي يعطيها إياها شلاييم.
صحيح، إسرائيل رفضت كل الاقتراحات العربية، يقول، صحيح، لم يكن
للعرب حتى أيار 1967 أي خطة حقيقية لمهاجمة إسرائيل. لكن لم يكن
في الإمكان قبول الاقتراحات العربية، وكانت الحرب حتمية، لأن
العرب لم يكونوا يستطيعون نسيان ما فعل بهم الإسرائيليون في عام
1948. يذكر بار أون خطبة <<الخطة الكبيرة>> لبن
غوريون. <<كنت في حرج عندما سمعت ذلك، فقد بدا ذلك كنص من
مؤتمر فرساي>>، يقول. لكنه يعترف أن أفكار التوسع، باتجاه
مصر على الأقل، كانت سائدة جداً في سنوات الخمسين. <<صحيح
انه منذ 1955 كان ديان يضغط لحرب مصر. فهو يحث الشيخ (بن غوريون)
على <<حرب ردع>>، والشيخ لا يستجيب. في كانون الأول
1955 التقى ديان وخمسين ضابطاً وسألهم من يؤيد الحرب الردعية.
وصوّتوا بأجمعهم ما عدا واحداً مؤيدين. لم يحصل ديان من بن
غوريون على إذن بالخروج إلى حرب استباقية، ولكنه قبِل أن يسيء
الوضع. في أحد أعمال الردّ في المنطقة منزوعة السلاح في نيتسانه
طلب إبقاء القوات إلى الصباح وهو يأمل أن يهاجم
المصريون>>. في نهاية الأمر أمر بن غوريون بإخراج القوات
وتخلّى ديان. يعترف بار أون بأن ديان أراد طرد المصريين عن قطاع
غزة وان ينشئ قطاعاً من العريش إلى شرم الشيخ تسيطر عليه
إسرائيل. <<كان هذا توسّعاً إقليمياً>>، يقول بار
أون، <<لكنه نبع مما رآه ديان ضعفا استراتيجيا لإسرائيل.
ولم يكن هنا شأنا إيديولوجيا>>.
شلايم، في مقابلته، يرى ديان وبن غوريون مصدراً لكل
سوء. فبن غوريون شرير، وديان فكر بمصطلحات النزاع الأبدي. كان
شاريت هو الوحيد الذي حاول محاربتهما. لقد عرض توجّهاً آخر،
توجهاً آمن بأنه يمكن إنشاء حوار مع العرب؛ وأن ما تفعله
إسرائيل، وحتى ما تقوله إسرائيل، يؤثر في حركية النزاع.
<<اعتقد انه كانت هنالك مدرستان>>، يقول شلاييم،
<<وعندما أقال بن غوريون شاريت في عام 1956 هدم المدرسة
المعتدلة، ولم تُبعث بعد. لم يكن لتلك المدرسة قائد، ولم يكن آبا
ايبان خياراً>>. <<هراء>>، يبطل بار أون
ذلك بحركة من يده، <<لم تكن مدرستان. كانت مدرسة قوية،
سائدة، لبن غوريون وكانت مدرسة صغيرة، ضعيفة، لشاريت. لم تكن
قوى>>. يزعم شلاييم بأن أعمال الرد في سنوات الخمسين،
وهي طفل ديان، أفضت إلى سوء الوضع، والى زيادة عمق الكراهية
وإبعاد احتمال الحوار. لهذا فقد حاربها شاريت بكل ما أوتي من
قوة. حارب وخسر. يوافق بار أون على انه في الجبهة المصرية على
الأقل، كانت أعمال الرد هي التي ولدت أعمال الفدائيين من قطاع
غزة وهي التي أفضت إلى حرب سيناء. لكن ديان قد اعتقد، كما يقول
بار أون، بأن العرب يكرهوننا على أي حال، ولهذا لا يهمّ مبلغ
القوة التي سنستعملها. يعتقد بار أون انه كان على حق.
<<اعتقد شاريت بأننا إذا ما تصرفنا تصرفا حسنا، فان العرب
لن يُضيقوا علينا. وإذا لم نتصرف تصرفا حسنا، فان الكراهية
العربية ستطغى. اعتقد بأنه أخطأ في الأمرين. كان هنالك 750 ألف
لاجئ فلسطيني، ضربناهم ضربة أليمة في عام 1948، وكانت لديهم
أسباب جيدة للكراهية. إذن ماذا سيحدث إذا ما أضفنا كيلوين أو
ثلاثة كيلوات من الكراهية؟ إذا كان يمكن فعل عمل حسن، فقد كان
يجب فعله. كان الوضع الأساسي للعالم العربي عدم قبول الوضع من
عام 1948 وكان ذلك تفكيراً صبيانياً بأن يعتقد أحد ما أن شيئا
سيساعد>>.
هنا بالضبط يخالف شلاييم بار أون. فعبد الرحمن صادق،
الذي كان ضابط الصحافة المصرية في باريس، أدار الاتصالات من قبل
ناصر مع إسرائيل في عام 1955. <<لم يكن ذلك الحوار على
السلام>>، يقول شلاييم، <<كان على تخفيض التوتر،
وعلى مضاءلة الدعاوة، وعلى تخفيفات على البضائع، وعلى أمور كان
يمكن أن تُحسن الجو، لتكون طرف خيط>>.. بار أون:
<<طرف ماذا>>؟ شلاييم: <<محاولة ليفهم
الواحد الآخر، لبدء حوار خارج خطوط النزاع>>. بار أون:
<<أقف هنا على خلاف تامّ مع أبي. لم يكن عبد الله يستطيع
أن يُجيز اتفاق السلام في حكومته. ولم تكن قضية الزعيم جدية.
وأخطأ بن غوريون في أنه لم يلقه لأنه كان سيمنع آنذاك أبي من
كتابة مقالته. وكان ناصر أكثر جدية لكن لم يكن الحديث هناك عن
السلام. في الحد الأقصى كانوا سينقلون الجوارب في قناة السويس.
لم تُرد إسرائيل الحصول على سلام بالشروط الدنيا التي كان العرب
مستعدّين للحديث فيها: الحدود وإعادة اللاجئين. لو كنا وافقنا
على ذلك لما كانت دولة إسرائيل اليوم>>. شلاييم:
<<ليس الكل سلاماً أو حرباً. توجد تسويات مرحلية أيضاً.
فكل اتصال، وكل لقاء مهمان. عمّقت حرب سيناء العداء، وعمّقت
الكراهية، في عام 1964 ينشئون م.ت.ف، ويقيمون قيادة عربية
موحّدة، ولأول مرة نصبت الجامعة العربية لها هدفاً هو تدمير
إسرائيل. هذه نتائج حرب سيناء، وهذا ما أفضى إلى حرب الأيام
الستة>>.
فيما يتعلّق بالأيام الستة بخاصة يتفق كلاهما. في
عام 1967 حدثت اللحظة التي أصبح فيها السور الحديدي واقعاً في
الوعي العربي. منذ تلك اللحظة إلى الآن والعرب يدركون أنهم لن
يستطيعوا هزيمة إسرائيل وان الطريق الوحيد ليحصلوا منها على شيء
ما هو بالتفاوض. يقول بار أون إنه <<بمسيرة حكيمة>>
كان يمكن آنذاك إعادة المناطق وإحراز السلام. يقول شلاييم إنه
بعد الحرب فوراً، اقترح حسين سلاماً تاماً لقاء انسحاب من الضفة،
لكن <<جليلي وألون وسائر لصوص الأراضي>> ردوا سلباً.
في نظر شلاييم، كان هذا الجواب السلبي استمراراً للسياسة التي
تجري منذ 1948 أو حتى قبل ذلك. وفي نظر بار أون هذا خطأ عيني.
يرى شلاييم شارون متابعاً مباشراً لتوجه <<السور
الحديدي>>. <<لم يؤمن شارون في أي مرة بأنه يمكن حل
المسيرة بطرق سلمية>>، يقول شلاييم. <<كان دائماً
جنرال الحلول العنيفة. منذ أربع سنوات وهو رئيس حكومة، ولم يكن
له لقاء واحد من أجل التسوية الدائمة. كان السور الحديدي عند
جابوتنسكي استعارة. أما عند شارون فالسور يصبح واقعاً مادياً
يشوّه المنظر الطبيعي، ويدمّر البيئة، ويدمّر في الأمد البعيد
مجتمعَين، المجتمع الفلسطيني والمجتمع الإسرائيلي. يؤيد اليسار
الجدار، لكنني لست اعتقد انه سيأتي بتسوية>>. ولكن ما
الذي يعرفه شلاييم، لقد قال لي ونحن في المقهى إنه منذ كان ولدا،
كانت إسرائيل تبدو له <<حيلة اشكنازية>> لم يشعر
بأنه جزء منها، <<لست على ثقة إلى اليوم بأنني أعرف طريقة
عمل هذه الحيلة>>. ملحق هآرتس 12/8/2005 (ترجمة
<<المصدر>>)
By Amira Hass
For about 10 years,
Omar and Khaled of Khan Yunis - who until recently worked in
the hothouses of the settlers in Muasi (Gush Katif) - "hitched
a ride" on Israeli water statistics. While they worked in the
hothouses, they could enjoy clean, clear water that flowed
straight from the faucet, and to feel the tremendous
difference when compared to the water awaiting them in the
faucets at home.The 1.3 million Palestinians in the Gaza Strip
consume about 150 million cubic meters a year, 90 million more
than the renewal potential of the section of the coastal
aquifer in the Strip. The overpumping causes seawater to
infiltrate the aquifer, which together with the infiltration
of sewage water from cesspools and neglected infrastructure,
makes 90 percent of the water for the Palestinians in the Gaza
Strip non-potable.Years before the disengagement was
discussed, the water system of Gaza was severed from that of
the country as a whole. The West Bank and the Gaza Strip were
occupied, the number of residents on both sides of the Green
Line increased and water consumption habits changed and the
summers are becoming hotter, but Israel, which controls the
water sources in the entire country, continued to impose
autarchy on the Gaza water system, as though the Strip were a
self-sustained desert island. But Gaza, like Eilat, is part of one
territorial unit between the river and the sea, with common
aquifers.
The
Israelis benefit from its water sources regardless of their
place of residence. Fact: the 8,000 settlers who were
evacuated from the Strip consumed almost 8 million cu.m.
annually, according to the statistics supplied by the Mekorot
National Water Carrier to the Palestinian water authority: 4.1
million cu.m. were pumped from 26 wells dug by Israel in the
Strip for the use of the settlers, and another 3.8 million
cu.m. were channeled to them annually from Israel itself.On
average, every Palestinian in the Strip consumes 123
cu.m.annually (for home, agricultural and industrial use).
Each Israeli settler consumed about 1,000 cu.m. This gap
partially explains how the settlers managed to maintain about
5,000 dunams of hothouses, about a quarter of the hothouses in
the Strip.Omar and Khaled will apparently soon return to work
in one of those hothouses, which were bought by wealthy Jews
for $14 million, and transferred as a gift to the Palestinian
Administration, to operate them and to export their unique
produce abroad. World Bank experts, who supported this
transaction in order to revive Gaza's economy, believe that it
would appear to make good sense in the short term, even in
Gaza's water-constrained environment, to use a portion of the
Gush Katif area for export-oriented agriculture.But from
inside Gaza, it looks as though the water situation has passed
the disaster threshold. "What is surprising is that we're
still alive," was how Ahmed al-Yaqubi, the director of water
sources in the Palestinian water authority, summed up the
situation. He didn't discuss the hothouses directly, but in a
conversation with Haaretz he warned of ambitious projects that
will quickly deplete the aquifer - unless they receive water
from another source, outside Gaza's aquifer.
But even
now, the PA is using only half of the 10 million CBM that the
Oslo Accords allow it to purchase from Mekorot, in other
words, from water sources outside the Strip. The price is too
high for the PA and for its customers. Will money miraculously
be found for the PA to buy water for the produce of the
hothouses, money that is not available for drinking water?The
hothouse transaction has been completed, but the discussions
that are far more important to the Palestinians - about border
crossings and a change in the system of transferring
merchandise, so that it will be economically more worthwhile
and logical - are still dragging on.The settlers' hothouses
operated in the context of an entire territorial unit, both in
terms of freedom of movement for the merchandise and in terms
of water use. They flourished thanks to a system the extra
benefits available to Jews. In order for the export of their
produce abroad by the Palestinians to succeed, they have to
continue to enjoy a situation of "extra benefits," in water
usage and at the border crossings.Thus a situation of VIP
vegetables may be created. The experience of the Oslo years
taught us well: Israel grants senior PA officials, their
associates, friends of key Israelis (including entrepreneurs
and architects of the Oslo Accords) and well-connected
merchants who are close to senior members of the security
services, relative freedom of movement, which it denied to the
rest of the Palestinian people. Therefore, it is very
reasonable to fear that the massive international and Israeli
involvement in the hothouse transaction will accelerate the
transfer of their produce at the Gaza Strip border crossings,
while other produce will be stuck.Another guava season has
already been lost, causing tremendous additional losses to
several hundred families in Muasi and in Khan Yunis. During
the disengagement, no foreign donor came to the aid of the
Muasi farmers, two meters from the hothouses, so that they
could market their guavas in the Strip and outside it.It is
impossible to quantify the tremendous social damage caused by
the VIP system at the crossings. But probably the economists
will come and calculate the social damage that will be caused
by VIP vegetables and weigh it against the financial gain
promised by the settlers' hothouses.
من أين سيأتي
فلسطينيو غزة بالماء ؟
عن
صحيفة هأرتس – بقلم عميرة هاس
التاريخ: 02 / 09 /
2005
منذ
ما يزيد على العشرة سنوات وحتى فترة قريبة عمل عمر
وخالد من خان يونس في دفيئات المستوطنين المقامة على أراضي
المواصي. خلال
عملهم استمتع الاثنان بماء عذب زلال يتدفق مباشرة من الصنبور
مذكرا إياهم
بالفرق الهائل عما يعيشونه داخل منازلهم حيث صنابير المياه تعرف
كل شيء عدا الماء.أكثر
من مليون وثلاثمائة إنسان يعيشون في قطاع غرة ويحتاجون إلى
150 مليون
متر مكعب من المياه سنويا مما يزيد عن قدرة القطاع الإنتاجية
بـ90مليون متر مكعب.والاستغلال
المبالغ فيه لمصادر المياه أدى إلى تلوثها وإذا
أخذنا بالاعتبار
مصادر التلوث الأخرى مثل الحفر الامتصاصية نجد أن 90% من مياه
الفلسطينيين في
قطاع غزة غير صالحة للاستخدام البشري.قبل
الحديث عن خطة الانفصال بسنوات
عديدة فصلت إسرائيل قطاع الماء في غزة عن نظيره داخل البلاد بشكل
كامل ومطلق.ورغم
ازدياد عدد سكان غزة والضفة الغربية وبالتالي احتياجات الماء
بقيت إسرائيل
مسيطرة على مصادر المياه وتتعامل مع قطاع غزة وكأنه جزيرة
نائية.وغزة
تماما مثل ايلات وحدة جغرافية واحدة في دولة الوطن الكامل
وتشتركان بنفس
السمات حيث يستمتع
الإسرائيليون بمصادر المياه الوفيرة بغض النظر عن
مكان الإقامة،
وحقيقة تمتع 8000 مستوطن بأكثر من 8 مليون متر مكعب من مصادر
القطاع وفقا لما
صرحت به شركة مكروت لسلطة المياه الفلسطينية والتي أضافت أنها
استخرجت أكثر من
4،
1
مليون
متر مكعب خلال عام من 29 بئر حفرتها إسرائيل عدا 3، 8 متر مكعب
تأتيهم مباشرة
من إسرائيل اكبر دليل على تساوي غزة وايلات.وبلغة
الأرقام نستطيع أن
نفهم كيف استطاع مستوطني غزة السيطرة على أكثر من 5000 دونم من
الدفيئات أي ما يعادل
ربع دفيئات قطاع غزة حيث يحصل المستوطن الواحد على ألف متر مكعب
من المياه يوميا
في حين يحصل الفلسطيني على 123 متر مكعب يستخدمها في أعمال
الزراعة والصناعة بالإضافة
إلى الشرب والاستخدام البشري المتنوع.ربما
في القريب العاجل يعود عمر وخالد
للعمل في إحدى الدفيئات التي اشتراها بعض اليهود بمبلغ 14 مليون
دولار وقدموها
هدية للسلطة الفلسطينية بهدف إعادة تشغيلها واستئناف الإنتاج
والتصدير للخارج. احمد
اليعقوبي مدير عام المياه في السلطة الفلسطينية قال "
إن السلطة
لا تستغل سوى نصف الكمية التي سمح بشرائها وفق اتفاق اوسلو
والبالغة 10 مليون
متر مكعب وأضاف إن ثمن المياه القادمة من خارج قطاع غزة مرتفع
جدا ولا يناسب المستهلكين
وعلى فرض إن توفرت الأموال الضرورية لشراء مياه الشرب فكيف
نوفرها لشراء مياه
الدفيئات؟
RE: Where will the water come
from? By Amira Hass feedback@haaretz.co.il Dear Editor:
Isn’t it time that the
awful truth of Zionist myths be exposed? For far too long the
world was led to believe that
Palestine was a land without a
people and should be home to a people without a land. We all
know that this was not even remotely close to reality.Then we
were inundated with the miraculous stories of Zionists making
“the desert bloom”, once again ignoring the reality that for
the desert to bloom, massive amounts of the water, the
scarcest of all resources in the area, were expended.The farce
of the Gaza hothouses highlights a problem that is very
pervasive in Israel, especially in the agriculture sector
whereby Palestinians and their lands are parched, while
Israelis consume and squander water, neglecting the fact that
the area between the river Jordan and the Sea is indeed part
of the Middle East, a traditionally semi-arid region of the
world where water has and will always be a scarce resource not
be wasted on lavish lawns and other trappings that are foreign
to the region. There is not enough water to go around,
especially if the government of Israel continues with the
costly and illegal settlement enterprise, trying to replicate
the lifestyle and trappings of Europe and North America so
that Jews who wish to or do immigrate to Israel feel at “home”
by providing them with lavish green lawns and sparkling
swimming pools, while the Palestinians remain thirsty. In
the end, Israel’s insane policies are,
as usual, motivated by demographics than by common
sense!
Mike Odetalla
Canton,
MI & Beit
Hanina
|