Report 22 Palestinian
Affairs شؤون فلسطينية
وثيقة تنظيمية هامة
من إقليم الأردن للمؤتمر العام تنفرد بنشرها
"الوطن" و"حركة إبداع"
1/3
ثورة متوقعة داخل "فتح" جراء
التعامل الحالي مع التنظيم
ـ الامتيازات تمنح للأجهزة الأمنية التي هربت من
المعركة والإهمال للتنظيم الذي حمل كل أعباء
النضال
ـ
قوى وتشكيلات أمنية لا علاقة لها بالحركة استقوت على التنظيم مع
موجة الانقلابات العسكرية
ـ جمال سليم أنشأ جهاز أمن لتجنيد الفتيان لصالح
المخابرات العراقية وتنفيذ العمليات المسلحة ضد
سوريا
ـ
اقتراح مفوض التعبئة نائبا أول لأمين السر.. نشاط التعبئة متوقف
وأبو ماهر قام بزيارتي عمل للأردن
ـ هاني الحسن أول من
عاد لقيادة التنظيم في الأردن بعد
1970 تلاه الطيب عبد الرحيم ثم عباس
زكي
2/3
أبو شامخ أوقف التنظيم
بالتوافق مع المخابرات الأردنية والتشاور مع عباس
زكي
ـ أصحاب المزارع الحركية استقووا بالدولة الأردنية على
التنظيم لضمان استمرار موازناتهم
وارتزاقهم
ـ أجهزة السلطة الأمنية تتدخل لخلق
ولاءات خارجية لقياداتها على حساب التنظيم.. يوجد لها مندوبون في
الأردن
ـ الدولة الأردنية تساهلت سابقا مع المناضلين المتوجهين
للداخل الفلسطيني وحظرت النشاطات داخل
الأردن
ـ "فتح" أداة تحصين ثقافي في الأردن
أمام القوى الظلامية بعيدا عن متاهات الخلاف مع الأحزاب السياسية
والدولة
ـ ضرورة إعادة صياغة منظمة التحرير الفلسطينية بعد
انهيارها كبنية ثورية مقاومة للأهداف والأطماع
الصهيونية
1-3
عمان ـ
شاكر الجوهري:
رفعت
قيادة تنظيم حركة "فتح" في الأردن تقريرا بالغ الأهمية إلى فاروق
القدومي أمين سر اللجنة المركزية للحركة بعيد وفاة ياسر عرفات
رئيس الحركة السابق, ضمنته ملاحظات نقدية لواقع التعامل مع
التنظيم من قبل قيادة الحركة, وإحلال قوى وأجهزة أمنية محل الأطر
القيادية للتنظيم, ولمحة تاريخية تناولت تعاقب القيادات على هذا
التنظيم منذ ما بعد 1970, وتأثيرات اتفاقات أوسلو
عليه.
التقرير
الذي رفع للقدومي من خلال عباس زكي المشرف على التنظيم في
الأردن, يتناول المهمات التي أنجزت بعد أن آل الإشراف على
التنظيم إلى عباس زكي. ثم يستعرض التقرير تطور وتقلب العلاقة بين
الحكومة والأجهزة الأمنية الأردنية والتنظيم, ويخلص من كل ذلك
إلى جملة نتائج وتوصيات هامة.
ثم
ينتقل التقرير إلى تناول إعادة بناء وتصحيح أوضاع منظمة التحرير
الفلسطينية, مسجلا الخسائر التي لحقت بها, وما يتوجب عمله من أجل
الحفاظ عليها وإعادة بنائها.
ويختم
التقرير بذات اللغة النقدية, مشخصا واقع السلطة الفلسطينية
والإصلاح المطلوب انجازه فيها.
هنا
نص القسم الأول من التقرير الوثيقة, الذي تنفرد "الوطن"
بنشره:
بسم
الله الرحمن الرحيم
الأخ
القائد فاروق القدومي أمين سر حركة "فتح" حفظه الله
ورعاه
بواسطة
الأخ المناضل عباس زكي عضو اللجنة المركزية للحركة مسؤول
الساحة
تحية
الثورة وبعد,
إن
الصلابة التنظيمية, والقدرة على استملاك المشيئة والإرادة
الكفاحية لشعبنا المناضل, هي الطريق الوحيد, الذي مكن حركتنا
الثورية (فتح) عبر تاريخها الطويل في قيادة النضال الفلسطيني, من
التغلب على الشدائد والمحن, ومظاهر الضعف واليأس والإحباط, وجعل
منها الحركة الثورية الأكثر قدرة في التاريخ الفلسطيني على تقويم
الخلل والاعوجاج, وترسيخ اللحمة الوطنية لشعبنا العربي
الفلسطيني, على قاعدة استمرار الثورة, والتمسك بالحقوق الوطنية
المشروعة, والخيارات الكفاحية الصعبة, التي تمكن من اجتراح النصر
العظيم. وبالتالي فإن المحنة الوطنية التي يعيشها شعبنا اليوم,
بعد رحيل القائد الرمز الشهيد ياسر عرفات, وما رافق وداعه الخالد
من إجماع دولي وشعبي, والتفاف ومبايعة عالمية لقضيتنا الوطنية
العادلة, ودورنا التاريخي في قيادة النضال الفلسطيني, يفرض علينا
في حركة "فتح", أن نرقى إلى مستوى التحدي التاريخي في قيادة
الثورة وكفاح الشعب العربي الفلسطيني المجاهد الصبور, وأن نعطي
هذا الكفاح قوة جديدة وصلابة نادرة, في ظل قيادتكم الحكيمة التي
كان موقعها من الأحداث والوقائع الجارية خلال النصف الأخير من
القرن المنصرم, هو صناعة التاريخ وتسجيل الوقائع المهمة
والأساسية في الصراع العربي الصهيوني, وخاصة تلك الوقائع الرائعة
التي اتسمت بالوطنية والإشراق في التاريخ الحديث لبلادنا
العربية, وكل مواقع النضال والثورة.
إن
وحدة وتراص الصفوف الحركية, في هذه المرحلة المفصلية من الكفاح
الوطني الفلسطيني, والإصرار على وحدة وتماسك القيادة التاريخية
لحركتنا العظيمة "فتح", هي السبيل الوحيد الذي يمكن من إعادة
الإمساك بناصية التاريخ, والمضي قدما بالنضال الفلسطيني حتى
انجاز الحرية والاستقلال, والقيام بالمهام والواجبات التي تؤدي
إلى ترسيخ الاعتماد على الجماهير الوطنية, والاستمرار في تنظيمها
وقيادتها والرهان عليها في كل الأحوال والظروف, لإنجاز مهام
الثورة والدفاع عن الحقوق المشروعة لشعبنا المناضل, وإعادة بناء
الحالة العربية المقاومة القادرة على استنهاض مشيئة الأمم
وإرادتها الوطنية, في التصدي للمشروع الصهيوني الأميركي, الذي
يهدف إلى تدمير كل البنى السياسية والاجتماعية العربية, وكل
مقومات وجودنا القومي وشخصيتنا الحضارية المستقلة بين أمم وشعوب
العالم, وليس فقط حالتنا الوطنية على الساحة
الفلسطينية.
إننا
وفي الوقت الذي نودع فيه القائد العظيم, الشهيد ياسر عرفات, بهذه
الخاتمة العظيمة من الثوابت والإنجازات في التاريخ الفلسطيني,
نؤكد على أهمية التحرك والإسراع في التصدي للمهام والواجبات
التالية:
أولا:
إعادة تفعيل البناء التنظيمي الحركي في جميع الساحات
والأقاليم
لقد
عاشت حركة "فتح" بعد رحيل قوات الثورة الفلسطينية عن بيروت 1982,
حالة خاصة من الإنفلاش, والتمردات والانقلابات العسكرية
والسياسية والفكرية والتنظيمية على الحركة, وأصول وقواعد
الانضباط التنظيمي والسلوكي, هذا فضلا عن حالات التحلل العامة
التي أصابت النضال الفلسطيني ومؤسساته الوطنية, وحالات الإحلال
البديلة, التي أخذت تمد جسورها إلى مواقع التنظيم الحركي, وتسعى
لتكييف مسيرتنا الوطنية والإستقواء على التنظيم الحركي, بقوى
وتشكيلات أمنية واجتماعية وسياسية, ليس لها علاقة بحركة "فتح"
والنضال الفلسطيني, والتي كانت غالبا ما تكون في المواقع
الهامشية من الحالة الفلسطينية بصورة عامة, ودون أن يكون لها
دورا بارزا في قراءة وكتابة التاريخ الوطني لقوانا الثورية
المناضلة, وكان همها الوحيد هو التعيش على حساب هذا النضال,
وتعميق التيارات الإنحرافية داخل الثورة الفلسطينية, والضغط على
القوى الشعبية لحملها على الانكفاء عن الثورة, والتوقف عن دعمها
وتأييدها.
لقد
تحولت حركة "فتح" وعبر حالة الإنفلاش والإهمال والتعطيل لدور
التنظيم الحركي, في جميع الساحات والأقاليم, خلال الثلاثة عقود
الماضية, إلى مجموعة من التكتلات والشظايا ومراكز القوى
والتيارات التي تجتمع وتتفرق على الدوام, وتختلف ولا تتفق دوما,
عندما تتعرض مصالح وامتيازات القائمين عليها للخلل والاهتزاز,
وهو الأمر الذي أظهر الحالة الحركية والسياسية الفلسطينية,
بصورتها الانتهازية القائمة الآن, والتي تسعى إلى نهب مقدرات
الشعب العربي الفلسطيني, وتفريخ الأغنياء الفاسدين, واللصوص
والعملاء والمتآمرين, على ثورة هذا الشعب واستمرار نضاله, بدلا
من سعيها لحماية مسيرة الحركة وأخلاقياتها الوطنية بين
الجماهير.
ظواهر
خطيرة
لقد
أدى غياب التنظيم الحركي, وتوقف نشاط التعبئة والتنظيم, إلى خضوع
النضال الفلسطيني برمته واستملاكه من قبل الظواهر الخطيرة
التالية:
أ
ـ استبدال قوى الثورة التي خاضت النضال المسلح على قاعدة التمسك
بالخيارات الوطنية المشروعة لشعبنا العربي الفلسطيني, وتمكنت من
استملاك التجربة التنظيمية والفكرية والسياسية والأمنية
والعسكرية, بالتشكيلات الهامشية ومنظمات الأصدقاء, واللجان
الشعبية, وبعض القوى الطفيلية التي تلامست مع حركة العمل الوطني
الفلسطيني, من خلال سياسات ومناهج أهون السبل في معالجة الوجود
الصهيوني, عبر النشاطات المدنية والاقتصادية, وحالات المساندة
والاحتجاج والاعتصام, وإحلال هذه القوى بكل عجزها وشهيتها للنهب
والاستغلال, مكان قوى الثورة وأصحاب القيم والمواقف الوطنية,
وسعيها عبر سيطرتها على مرافق العمل الفلسطيني, لإعادة إحياء
العشائرية والجهوية والمحسوبية والشللية, وكل الأمراض التي عملت
الحركة خلال مسيرتها الوطنية, على تخليص المجتمع الفلسطيني منها,
وجعله مجتمعا وطنيا ينمو باتجاه التشكيل الحضاري والحياة المدنية
التقدمية.
ب
ـ جعل المنهج السائد في العمل الرسمي الفلسطيني, يقوم على قاعدة
استرضاء الفساد والمفسدين, وتكييف الحالة النضالية مع مقتضيات
خدمة هذا الفساد والقائمين عليه, وصولا إلى حالة التكيف العام مع
سياسة العجز والصمت العربي, في جميع الساحات والأقاليم, وإسكات
المنابر الوطنية والنشاطات والمسارات التي تسعى لتصليب الموقف
العربي في وجه الدمار الصهيوني الأميركي القائم, وإنهاء جميع
التوجهات الوطنية لأبناء الحركة, القائمة على التمسك بالمبادئ
والأهداف التنظيمية وأصول المسلكية الثورية, والدفاع عن النظام
الأساسي لحركة "فتح" وميراث الشهداء
والمناضلين.
ج
ـ تحطيم القيم الوطنية, وإزالة الفوارق في التعامل مع المناضلين
والمشبوهين والجواسيس, بل سرقة حقوق ومواقع المناضلين أصحاب
القيم والمعتقدات الثورية, وطمس ذاكرة الشعب العربي الفلسطيني
وإلغائها وجعله شعبا بلا ذاكرة وطنية يعتز بها ويقيم علاقته
بالثورة والنضال والتضحية على أساسها, هذا فضلا عن تجاوز كل
الحدود والمعايير الأخلاقية في إقامة العلاقات مع الأجهزة
الأمنية المعادية لمصالح شعبنا, وصولا إلى الاستخفاف بهذا الشعب,
وانتهاك أخلاقه ومقدساته الوطنية.
د
ـ إذابة الهيكليات والمراتب والقوانين والأنظمة الحركية في
هيكليات ومراتب وتسميات يسمونها لأنفسهم, ويقيمون على أساسها
علاقتهم بالمجتمع الفلسطيني والمحيط العربي والعالمي دونما حسيب
أو رقيب, وهو الأمر الذي جعل من الاستهزاء بالحركة ودورها في
التاريخ أمرا لا يخجل أصحاب هذه التصرفات, ولا يعاقب عليه
القانون والنظام.
هـ
ـ تدمير الخط السياسي والإعلامي لحركة "فتح", والمنهجية الفكرية
القائمة على فهم وترسيخ هذا الخط في نضال الشعب العربي
الفلسطيني, واستبداله بمنهجية انتهازية تبريرية ذرائعية غير
مفهومة الشكل والمضمون, أدت إلى تقويض الأركان الأساسية للقضية
الوطنية الفلسطينية, والأسس والقواعد التي قام عليها الصراع
العربي الصهيوني, وإحداث جميع التحولات الخطيرة في وحدة الدور
القومي والاختلال في معايير وقوة النضال الفلسطيني
واستمراره.
إعادة بناء
التنظيم
إن
غياب التنظيم الحركي وخلال هذه الفترة الزمنية الطويلة, وتعطيل
عمل المؤسسات القيادية الراعية لهذا التنظيم, قد أوجد ما هو أسوأ
وأعمق من هذه الظاهر الخطيرة في حياتنا الكفاحية, وأدى إلى هذا
التخبط والارتجال في العمل السياسي الفلسطيني والأداء الوطني في
جميع الساحات والأقاليم, وبالتالي فإن إعادة بناء التنظيم الحركي
ضمن هذه المرحلة المفصلية من التاريخ الفلسطيني, يجب أن تسير
جنبا إلى جنب مع عملية تاريخية واسعة وعميقة, من الدراسة
والتقييم والتصحيح والتصويب, والقضاء على كل المظاهر والظواهر
السلبية الناتجة عن الإهمال والتعطيل لدور التنظيم الحركي في
صياغة الحياة الوطنية للمجتمع العربي الفلسطيني, وصيانة معايير
الحق والعدل والإنصاف بين الجماهير, وإعادة هيكلة القيادة
المركزية للبحث بحيث يكون مفوض التعبئة والتنظيم هو النائب الأول
لأمين سر الحركة بصورة دائمة ومستمرة, بصرف النظر عن الأسماء
والرموز, ورفع الشرعية التنظيمية وإلغائها عن جميع اللجان
والهيئات والمؤسسات القيادية الصورية, التي قام أصحابها بالسطو
على حركة "فتح" وإحلال كل هذه البنية الفاسدة داخلها في غفلة من
الزمن ولحظة خاصة من غياب التنظيم, وتجاهل وجوده ونظامه الأساسي,
هذا فضلا عن أهمية إعادة تفعيل الرقابة الحركية, والإعلام
المركزي لحركة "فتح", وتشكيل المؤسسات والهيئات التنظيمية
القادرة على إعادة بناء التنظيم الحركي وحماية خطه السياسي
والتنظيمي ومسلكيته الثورية بين الجماهير, والعمل بمبدأ العقاب
والثواب, وصيانة هيبة الحركة وتحصينها في وجه الطامعين
والانتهازيين, وكل الذين يسعون إلى التسلق على كفاحها الوطني
وحرفها عن منهجيتها الثورية وإخراجها من
التاريخ.
هذا
فضلا عن أهمية إنصاف أبناء الحركة في جميع الساحات والأقاليم,
وحمايتهم ماديا ومعنويا, ورفع الظلم والإجحاف الواقع بشكل خاص
على قدماء المناضلين والجرحى وأبنائهم وأسرهم, وإعطاء هذه
القطاعات النضالية من جسم الحركة الاهتمام الأول في الرعاية
المادية والصحية والتعليمية, وإنهاء كل أشكال الألم والمعاناة
التي يعانيها هذا القطاع الوطني في وسائل المعيشة
والحياة.
لقد
حمل التنظيم الحركي كل أعباء ومهام النضال الوطني الفلسطيني, وفي
الوقت الذي هربت فيه الأجهزة الأمنية وتركت مواقعها وأسلحتها
للعدو الصهيوني في مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية, صنع التنظيم
الحركي مع جماهيرنا الوطنية بطولة غزة, وجنين, وأسطورة الصمود
الفلسطيني المستمرة في جميع القرى والمخيمات والمدن
الفلسطينية.
عدم توفير
الإمكانات
لقد
ألقت قيادة الحركة كل مهام العمل الوطني الفلسطيني على التنظيم
في الداخل دون إعطاء هذا التنظيم الدعم المادي الكافي والموازي
في حده الأدنى للدعم الذي تتلقاه الأجهزة الأمنية العاجزة, أو
بعض المؤسسات والإدارات المدنية في السلطة الفلسطينية, ومنظمة
التحرير الفلسطينية أيضا.
إن
الحالة القائمة في التعامل مع التنظيم الحركي في جميع الساحات
والأقاليم, ستؤدي ـ في حال استمرارها ـ إلى ثورة حقيقة داخل
الحركة, لإنجاز وحدة الشكل مع المضمون الوطني النضالي لحركة
"فتح", واستملاك إرادتها ومقدراتها من قبل أبنائها المخلصين,
وتجريد كل البنى والهيكليات القيادية من امتيازاتها المادية
ومظاهر البذخ والإسراف الذي تعيشه على حساب الحركة وتضحيات
أبنائها, هذا مع أهمية التأكيد على مطالبة جميع قواعد الحركة
بتبرئتها من كل الممارسات الفاسدة, التي قامت بها بعض قيادات
وكوادر الأجهزة الأمنية في مناطق السلطة الفلسطينية, وخاصة تلك
الممارسات التي وصلت إلى حد الملاحقة والتصفية الجسدية, للعديد
من رموز النضال الوطني الفلسطيني في الإطار الفتحاوي والإطار
الإسلامي على وجه التحديد, ومحاسبة هذه الزمر الفاسدة وتقديمها
إلى القضاء.
إن
السكوت على مثل هؤلاء الساقطين, سيؤدي بالضرورة إلى تمرد
المناضلين الوطنيين على قواعد القانون والانضباط التنظيمي, ويزيد
من الفوضى السياسية والنضالية بين جماهير
الداخل.
ثانيا:
الساحة الأردنية خطوة على طريق البناء
والتقييم
لمحة
تاريخية
ا
ـ لقد شكلت الساحة الأردنية, الانطلاقة الحقيقة لحركة "فتح"
وفصائل الثورة الفلسطينية بعد حرب عام 1967, وبالتالي أقيم على
هذه الساحة وطوال ثلاثة أعوام متواصلة من الكفاح المسلح,
والتواجد العلني المدعوم عربيا ودوليا على الصعيدين الرسمي
والشعبي, كل ما يتعلق ببنية الثورة ومعسكراتها, ومراكز تدريبها
وتمويلها وإعلامها ووسائل تحريضها, ومنابرها الثقافية والتعبوية
وقياداتها السياسية والعسكرية والشعبية.
2
ـ بعد عام 1970 انتهت مظاهر التواجد العلني المسلح للثورة
الفلسطينية وحركة "فتح" على الساحة الأردنية, ولكن لم ينتهي وجود
الثورة والناس, وبالتالي أخذت حركة "فتح" بمبدأ العمل السري عبر
شكلين مهمين من العمل النضالي, الأول قطاع الأردن الذي تواصل مع
فلسطين من خلال العمل المسلح عبر الأراضي الأردنية, والثاني
العمل التنظيمي والجماهيري والنقابي, وصولا إلى تفاهمات جدة عام
1972, التي عملت على تخفيف حدة الصراع بين الدولة والحركة, ومهدت
الطريق إلى العفو الملكي عن مناضلي الثورة الفلسطينية عام 1973,
والدخول في مرحلة جديدة من العلاقة الفلسطينية ـ الأردنية,
والتعاون في العديد من المجالات التي تخص النضال الفلسطيني,
لتطبيق قرارات القمة العربية التي صدرت عام 1974, والتي اعتبرت
منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب العربي
الفلسطيني, وبالتالي نشأت اللجنة الأردنية الفلسطينية المشتركة,
وظهر على الساحة الأردنية العديد من اللجان والمؤسسات
الفلسطينية, التي أخذت تمارس مهامها لدعم صمود الشعب العربي
الفلسطيني في الداخل, وبذلك اختفت مظاهر العداء والصراع الحاد
بين الدولة والحركة, وبرز التنظيم من خلال دائرة شؤون الأردن في
التعبئة والتنظيم ليأخذ دوره في رعاية الشؤون الحركية, وتصريف
الشؤون التعبوية والنضالية على الساحة
الأردنية.
3
ـ إعادة التنظيم الحركي من خلال شؤون الأردن, تنظيم صفوفه على
الساحة الأردنية, وتمكن عبر التحالف مع القوى القومية واليسارية,
من إظهار خطه التنظيمي والسياسي, وقيادة جميع النقابات المهنية,
والأنشطة التعبوية والسياسية في المخيمات والجامعات والمعاهد
العليا, والقطاعات التعليمية والثقافية في الأردن, وبقي مؤثرا في
جميع المسارات السياسية والفكرية والاجتماعية والاقتصادية على
الساحة الأردنية حتى عام 1983, وحدوث الانقلابات والانشقاقات
المشؤومة في حركة "فتح".
اختلاط
الأوراق
4
ـ في بداية عام 1985 نشأت على الساحة الأردنية مجموعات كبيرة من
الهياكل واللجان والمؤسسات القيادية والأمنية, التي أخذت كل منها
دورها ووظيفتها الخاصة في العمل الوطني, وفقا لتوجيهات ومصالح
ورغبات القائمين عليها, وليس وفقا لقواعد العمل التنظيمي
ومقتضيات خدمة النظام الداخلي للحركة, وبالتالي اختلطت الأوراق
داخل حركة "فتح" على الساحة الأردنية من جديد, وتعددت القنوات
القيادية, وكذلك الولاءات والأنشطة التعبوية والتنظيمية, وبرز في
سياق ذلك إطار قيادي جديد للساحة الأردنية, سمي لجنة العمل في
الأردن, وذلك من شخصيات ومراتب حركية قادمة إلى الساحة الأردنية
من الخارج, برئاسة الأخ المناضل هاني الحسن, وعضوية الأخت أم
جهاد, وسميح درويش وعبد الحميد القدسي وآخرين من قادة وكوادر
الحركة, الذين عادوا إلى الأردن بعد دورة المجلس الوطني
الفلسطيني في ذلك العام, وقد نشط هذا الإطار في الأوساط الحركية
والشعبية على قاعدة اتفاق 11 شباط/فبراير, وهو الأمر الذي أربك
المنهج الحركي في حينه, وجعل وظيفة الحركة التنظيمية والتعبوية
بين الجماهير غير منسجمة مع منطلقاتها ونظامها الداخلي, وفتحت
الحركة على مصراعيها لأشخاص وسياسات وبرامج غير تنظيمية,
وبالتالي قام جمال سليم في هذا السياق بإنشاء جهاز أمن الساحة,
الذي كان مهتما بالدرجة الأولى في ملاحقة المعارضة, وتجنيد بعض
الفتيان وإرسالهم للمخابرات العراقية, ليجري استخدامهم في عمليات
مسلحة ضد سوريا, هذا فضلا عن تدخل العديد من القيادات والكوادر
الحركية بنفس الطريقة والأسلوب في شؤون الساحة الأردنية, مما أدى
إلى اختلاط الحابل بالنابل وتحويل التنظيم الحركي إلى رقع
متناثرة, ومختلفة في المنهج والارتباط والولاء, وبالتالي عاشت
الحركة فترة طويلة من الغموض والارتجال, أدت إلى انكفاء الإخوة
أصحاب التجربة التنظيمية على الساحة, من المشاركة بهذه النشاطات
والتوجهات, على قاعدة رفض الذيلية والإستزلام والمهام الجديدة
الغريبة عن المنهج الحركي, وطريقة "فتح" في قيادة النشاطات
العامة.
لجان
الغربي
5
ـ أدرك الأخ القائد الشهيد أبو جهاد رحمه الله, خطورة الأوضاع
التي آلت إليها الحركة على الساحة الأردنية, خلال الفترة
التاريخية الممتدة من 1983 إلى 1986, فقام بإنشاء العديد من لجان
القطاع الغربي, والتي تمكنت عبر عملية تراكمية طويلة من العمل
والنشاط بين أوساط الطلاب القادمين من الضفة والقطاع, وكذلك
الأوساط الشعبية في المخيمات, من إعادة تصويب وتصحيح مسارات
العمل التنظيمي والنضالي في الأوساط الحركية على الساحة
الأردنية, باتجاه التعبئة الوطنية السليمة والتحريض على العدو
الصهيوني, وإدامة الصراع مع هذا العدو, والابتعاد عن الانشغال في
الصراعات العربية ـ العربية, والخلافات الفصائلية الداخلية,
وبالتالي اختفت لجنة العمل بقيادة الأخ المناضل هاني الحسن, وبرز
على الساحة الأردنية مجموعة من اللجان الحركية الجديدة بقيادة
الأخ المناضل الطيب عبد الرحيم.
6
ـ عملت اللجان المذكورة أعلاه, تحت مسؤولية وإشراف الأخ الطيب
عبد الرحيم على مسارين مهمين في هذه المرحلة, الأول التواصل مع
مهامها كلجان حركية للقطاع الغربي, والثاني تنسيق الأنشطة
النقابية والتعبوية في الساحة الأردنية, على قاعدة المرجعية
العامة للنشاط الحركي في هذه الساحة, ونتيجة لحجم المهام في هذه
المرحلة, وخاصة بعد تفجر الانتفاضة الشعبية في فلسطين عام 1987,
برز في السفارة الفلسطينية إطار قيادي آخر, سمي لجنة المنظمات
الشعبية, تقلص خلال مرحلة وجود الأخ الطيب عبد الرحيم سفيرا
لدولة فلسطين في الأردن, إلى مسؤول المنظمات الشعبية في
السفارة.
تأثيرات
أوسلو
لقد
اتسمت الفترة الزمنية الممتدة من عام 1986 إلى عام 1993, بالنشاط
الحيوي لأبناء الحركة على الساحة الأردنية, حيث سجل عام 1986
أكبر حجم للعمليات العسكرية المسلحة ضد العدو الصهيوني داخل
فلسطين, وسجلت الأعوام 1987 وحتى عام 1993 أكبر نشاط تعبوي
وسياسي ونقابي على الساحة الأردنية بعد عام 1970, وأرقى حالات
الوحدة الشعبية في الشارع الأردني, حيث سجلت هذه الأعوام انطلاق
مشروع سفينة العودة من الأردن, والذي وضع منظمة التحرير
الفلسطينية في موقع قيادة الانتفاضة الشعبية في الداخل, هذه
الانتفاضة التي كانت بحاجة ماسة إلى عنصرين مهمين من الخارج في
حينه, الأول إعلام وطني يحملها إلى العالم, والثاني الدعم المالي
لإعالة جرحاها ومعتقليها, وتعزيز صمود شعبها وقدرته على
الاستمرار, هذا فضلا عن إنشاء اللجنة الشعبية الأردنية لدعم
الانتفاضة, وإلغاء الأحكام العرفية, والدخول في مرحلة جديدة من
العمل السياسي الأردني, والتنسيق والتعاون الفلسطيني ـ الأردني
في محادثات مدريد, وغيرها من الأحداث والوقائع, التي ظهرت فيها
الساحة الأردنية, كساحة مركزية أساسية لإدارة العمل الفلسطيني,
وقيادة الانتفاضة ولجان القطاع الغربي, وتواجد القيادات
الفلسطينية بكل مستوياتها السياسية والأمنية
والتنظيمية.
7
ـ بعد اتفاقيات أوسلو وعودة كوادر القطاع الغربي إلى الداخل,
توقف وانتهى العمل الحركي القائم على ازدواجية المهام النضالية
بين الداخل والخارج في الساحة الأردنية, حيث عادت قيادة
الانتفاضة إلى فلسطين, وكذلك لجان وكوادر المؤسسات النضالية
المساعدة, وعاد معها العديد من الأشخاص والقيادات ذات الأطماع
والولاءات الشخصية, وبالتالي انتهى دور لجان العمل التنظيمي
السابقة بعودة القائمين عليها إلى الداخل, وبهذا عادت مسؤولية
تصريف الشؤون الحركية في الساحة الأردنية, إلى القيادات
الميدانية والنقابية في القطاعات الشعبية المختلفة, وهي القيادات
والمراجع التنظيمية التي ما غابت يوما عن مواقعها الوطنية,
وبالتالي فتحت الأبواب من جديد للعمل الحركي على الساحة الأردنية
بعيدا عن ضغوط المراحل السابقة, وأطماع ومصالح القنوات المتعددة
التي كانت سائدة في هذه المراحل أيضا.
مرحلة عباس
زكي
8
ـ تولى الأخ المناضل عباس زكي, مسؤولية تصريف شؤون الساحة
الأردنية, بعد إعادة تشكيل دائرة التعبئة والتنظيم في اللجنة
المركزية للحركة, إضافة إلى مهامه الأخرى في اللجنة المركزية
وقيادة الانتفاضة, التي أصبح مركز نشاطها الداخل, وحضر الأخ
المناضل أبو ماهر غنيم في جولتي عمل تنظيمي, وتم الاتفاق مع
كوادر وفعاليات الساحة الأردنية, على رؤية جديدة للعمل الحركي
على هذه الساحة, تلخصت في العناصر الأساسية
التالية:
أ
ـ بعد الأخذ بالخيار الديمقراطي من قبل القيادة الأردنية, ووجود
السلطة الوطنية في الداخل, وتغير المهام والواجبات النضالية
الحركية في هذه المرحلة, لا بد لحركة "فتح" أن تكون عامل مساعد
لتعزيز الخيار الديمقراطي الأردني في الأوساط الشعبية والنقابية
والسياسية.
ب
ـ التقيد بمبدأ الإخضاع المتبادل في العلاقة مع القوى والأحزاب
الأردنية, وإفساح المجال للمجتمع الأردني لإعادة تنظيم حياته
الدستورية, على قاعدة التعددية الحزبية, ومساعدة الأحزاب
والشخصيات والتيارات الفكرية والاجتماعية والاقتصادية, على تبوأ
قيادة الأنشطة السياسية والثقافية والشبابية, وأخذ زمام المبادرة
في إعادة صياغة الوعي الاجتماعي الأردني, وتشكيل المؤسسات
والقيادات الوطنية لإدارة العمل السياسي, وتحقيق المشاركة
الشعبية في إدارة الدولة ومرافق العمل العام.
ج
ـ في الوقت الذي لا تستطيع فيه الحركة تقديم الخبرة والمشورة
للمجتمع الأردني, لا تكون عبئا على هذا المجتمع, ولا تقف عائقا
أمام اندفاعه ونشاطه, والابتعاد الكلي عن الصراعات الحزبية,
والنقاشات التي من شأنها تفضيل طرف على آخر, واستمرار التحالف مع
القوى القومية الوحدوية واليسارية, وتعزيز دور هذه القوى في
محاربة الإقليمية, والنزوع العنصري, والمغالاة الكاذبة في
الهويات السياسية الخاصة, ومحاولات التشكل الكاذب أيضا,
والاستقطاب المريض لبعض التيارات والأحزاب والشخصيات الطفيلية
الطارئة في العمل العام.
د
ـ استمرار التمسك بمبدأ عدم التدخل في الشؤون المحلية الداخلية,
وعدم المساس في أي مظهر من مظاهر سيادة الدولة, والابتعاد عن
المشاركة في أي نشاط سياسي يحمل الطابع الحزبي المطلبي, وكذلك
المظاهرات والاحتجاجات التي تحمل نفس الطابع, والابتعاد
بجماهيرنا الوطنية عن أي نشاط يجعل من حركة "فتح" على الساحة
الأردنية ورقة من أوراق العمل الحزبي, وسياسات وبرامج الأحزاب
الأردنية ضد الدولة, ومحاربة جميع الفتن والتوجهات التي تمس
الوحدة الوطنية, وتؤدي إلى الفرقة والاختلاف بين جماهير الشعب
الواحد.
هـ
ـ التركيز على المخيمات كأساس لنشاطنا التعبوي والنضالي, ومنع
اختراق هذه المواقع من قبل القوى الدينية الظلامية, التي تسعى
إلى تغريب شبابنا عن قضيتهم الوطنية, وحملهم على خدمة قضايا ليس
لها علاقة بالواقع والمصالح الوطنية الفلسطينية والعربية, وخاصة
تلك القوى التي لا زالت مصرة على جعل أبناء شعبنا في الشتات
وقودا لمعاركها العقائدية مع دول وشعوب
العالم.
و
ـ الانفتاح على البرامج والأحزاب والقوى السياسية والدينية, وعدم
إغلاق أي موقع جماهيري أمام هذه القوى والشخصيات السياسية
العامة, والنشاط والتفاعل بشكل حي ومباشر مع هذه الظروف الجديدة
في الحياة السياسية على الساحة الأردنية, لنقل وتبادل الخبرات في
العمل التعبوي والنضالي بصورة تنسجم مع وعي المجتمع بضرورة
التوحد حول القضايا الأساسية, والمصالح الحيوية للأمة العربية من
المحيط إلى الخليج.
ز
ـ إعادة بناء حياتنا الداخلية بما ينسجم مع مقتضيات خدمة النضال
الفلسطيني في الداخل, ويسهم في بناء الدولة الفلسطينية, وتشكيل
الضمانة الوطنية لمستقبل قضية الشعب العربي الفلسطيني في حالة
فشل الاتفاقات السياسية مع العدو الصهيوني.
2-3
عمان ـ شاكر
الجوهري:
رفعت
قيادة تنظيم حركة "فتح" في الأردن تقريرا بالغ الأهمية الى فاروق
القدومي أمين سر اللجنة المركزية للحركة بعيد وفاة ياسر عرفات
رئيس الحركة السابق, ضمنته ملاحظات نقدية لواقع التعامل مع
التنظيم من قبل قيادة الحركة, واحلال قوى وأجهزة أمنية محل الأطر
القيادية للتنظيم, ولمحة تاريخية تناولت تعاقب القيادات على هذا
التنظيم منذ ما بعد 1970, وتأثيرات اتفاقات اوسلو
عليه.
التقرير
الذي رفع للقدومي من خلال عباس زكي المشرف على التنظيم في
الأردن, يتناول المهمات التي انجزت بعد أن آل الإشراف على
التنظيم الى عباس زكي. ثم يستعرض التقرير تطور وتقلب العلاقة بين
الحكومة والأجهزة الأمنية الأردنية والتنظيم, ويخلص من كل ذلك
الى جملة نتائج وتوصيات هامة.
ثم
ينتقل التقرير الى تناول اعادة بناء وتصحيح اوضاع منظمة التحرير
الفلسطينية, مسجلا الخسائر التي لحقت بها, وما يتوجب عمله من أجل
الحفاظ عليها واعادة بنائها.
ويختم
التقرير بذات اللغة النقدية, مشخصا واقع السلطة الفلسطينية
والإصلاح المطلوب انجازه فيها.
هنا
نص القسم الثاني من التقرير الوثيقة,
لقد
مثلت هذه الرؤية الوطنية لأبناء الحركة على الساحة الأردنية,
قاعدة الإنطلاق للعمل التنظيمي في هذه المرحلة, وبالتالي فقد
باشرنا نشاطنا على هذا الصعيد برعاية واشراف ومسؤولية الأخ عباس
زكي, لإنجاح خطة هذا النشاط واعادة البناء الداخلي لحركة "فتح"
بكل الوسائل والخبرات القيادية على هذه الساحة, وهو الأمر الذي
فرض التوجه المباشر لإنجاز المهام التالية:
1
ـ العمل التنظيمي والتجديد في نظريات البناء العضوي والهيكلي
للمنظمات الثورية, حيث قمنا وبصورة جماعية مسؤولة في اطار الكادر
القيادي, بدراسة وتحليل كل نظريات البناء العضوي للمنظمات
الثورية في العالم, والأسس والقواعد التي قامت عليها نظرية
البناء الهيكلي في حركة "فتح", وتجارب الفشل والنجاح في هذا
المجال على جميع الساحات التي عملت بها الحركة خلال المراحل
السابقة من نضالها الثوري, وقمنا بصياغة اطار نظري جديد للعمل
التنظيمي بصورة علمية دقيقة, مزجت ما بين النظريات الحديثة
للدولة في ادارة مرافق الحياة العامة للمجتمع, ونظرية ادارة
الثورة للنشاط السياسي والتعبوي في الحياة الداخلية للمنظمات
الثورية التي تسعى إلى التخلص من المفاهيم الفاسدة في المجتمع,
وكذلك كتابة اللوائح والقوانين والأنظمة التي تحدد صلاحيات
وسلطات جميع المراتب والهيئات التنظيمية في الحركة, وقراءة ونقاش
هذه الوثائق واقرارها في الحياة الداخلية لحركة "فتح" على الساحة
الأردنية, والعمل على اساسها, وقد اسقطنا من هيكليتنا الإدارية
والقيادية أي استهداف للمؤسسات الحكومية, ومظاهر الوجود السياسي
والثقافي للدولة, بل على العكس تماما, كان وجودنا بهذه الهيكلية
الجديدة ركيزة اساسية من ركائز الوجود الوطني الأردني, والسيادة
الأردنية, ودافعا قويا لاستنهاض الهوية الوحدوية للدولة,
وشخصيتها الثقافية العربية, ومدخلا موضوعيا لموالاة سياسات
الدولة, والدفاع عنها في القضايا الهامة
والإستراتيجية.
2
ـ قمنا بإنشاء اللجان القيادية الأساسية في الساحة الأردنية, على
قاعدة التطبيق الخلاق لهيكلية النظام الداخلي الواردة في النظام
الحركي, والإستجابة الموضوعية لظروف الساحة الأردنية, والمهام
والواجبات الواجب ارتجالها لخدمة الحركة, وتعزيز مكانتها ودورها
في القطاعات المهنية والشعبية المختلفة.
3
ـ قمنا بالإستجابة كقيادة مسؤولة عن الساحة, بالتعاون مع الأخ
عباس زكي المشرف العام, إلى بعض الإستحقاقات التنظيمية التاريخية
المزمنة في الساحة الأردنية, وخاصة تقييم وتصنيف الكادر الحركي,
ووضع هذا الكادر في المكان المناسب من تشكيلات وهيكلية
التنظيم.
4
ـ قمنا بإعادة بناء لجنة المنظمات الشعبية في السفارة, حفاظا على
شرعية وجود هذه المؤسسة في السفارات الفلسطينية في الخارج,
كواجهة فلسطينية رسمية, تقوم بتصريف الشؤون التعبوية والنشاطات
ذات الطابع الإنساني والإجتماعي في المخيمات والتجمعات
الفلسطينية, وتسهيل مهمة دعم الطلاب الفقراء في التحصيل العلمي
الجامعي, ورعاية العائلات والأسر المستورة التي قدمت كل ما تملك
للثورة الفلسطينية خلال المراحل المتعددة من نضالها, واعادة
هيكلة نشاط هذه اللجنة وارتباطها في التنظيم الحركي, كمهمة
تنظيمية ضمن الهيكلية الإدارية لقيادة نشاطات التنظيم في الأندية
الرياضية والإجتماعية والمراكز الشبابية ولجان العمل الجماهيري,
ومؤسسات البلدات والعشائر والقرى الفلسطينية.
5
ـ قمنا بإنشاء المكتب الحركي للعمل النقابي, وحماية الحالة
الحركية في هذا القطاع الواسع على الساحة الأردنية, وتقديم
القادة الجماهيريين لهذا القطاع, على أسس ومزايا وسجايا قيادية
حقيقة, وعزل الواجهات الإنتهازية والشخصيات الموتورة التي كانت
تعمل لحسابها الخاص في هذا القطاع دون ضوابط ومعايير اخلاقية,
على قاعدة الهيمنة والغطرسة الزائفة في طرح المواقف واقامة
التحالفات والعلاقات مع القوى والفعاليات
النقابية.
6
ـ كان هدفنا في هذه المرحلة من العمل على الساحة الأردنية, هو
البحث عن الأفضل في اعادة بناء الهيئات واللجان المسؤولة,
والإبتعاد بالحركة عن الأهواء والتكتلات والولاءات الشخصية
والمعرفية والجهوية, وغيرها من الأمراض والسلوكيات التي كانت
تعتور المراحل السابقة من العمل التنظيمي على الساحة الأردنية,
وتمكنا فعلا وخلال أربع سنوات متواصلة, من انشاء البنية الثورية
بكل تفصيلاتها ومهامها النضالية, واستبعاد كل الحالات العاجزة
والضعيفة والأشكال والصور النمطية التي سادت طويلا في شكل ومضمون
الواجهات والرموز الحركية في المجتمع, واستملاك كل الخبرات
والقدرات التنظيمية القادرة على اعادة صورة المناضل الواعي,
المدافع بصلابة عقيدته الوطنية عن قضايا الناس, واخلاقيات
وانجازات ومقدرات المجتمع, وإنهاء صورة المتعيش المرتجل المأزوم
القائمة على تحميل الآخرين جمائل وطنيته وادعائه بالثورية
والدفاع عن الجماهير, وبالتالي فقد أقلعنا في هذه المرحلة بكل
الأسس والقواعد المدروسة, وكذلك اللوائح والبرامج الدقيقة,
والقادة والمناضلين القادرين على حمل المسؤوليات الوطنية بكل
أمانة واخلاص, وكانت افعال التنظيم الحركي تسبق اقواله,
وانجازاته تفرح ابنائه وابطاله, وتزيل المتاعب والهموم التي
اصابت الناس في مرحلة ركود السلطة الوطنية الفلسطينية في الداخل,
وصدامها مع التيارات والقوى الإسلامية بالأساليب والوسائل التي
كانت تثقل العمل الوطني الفلسطيني وتزيد من احباطه
وهمومه.
العودة
للمواجهة
لقد
تمكنا بهؤلاء القادة, من اعادة الحركة إلى واجهة العمل السياسي
على الساحة الأردنية, وأخذ دورها في صنع الأحداث والوقائع
الرائعة والجميلة في حياة المجتمع, واقامة أوثق العلاقات مع
قاعدة العمل العام, ودعم النواب والمرشحين الوطنيين والتقدميين,
والتأسيس لمرحلة جديدة شكلا ومضمونا للعلاقة الشعبية الأردنية ـ
الفلسطينية, وجسرا لوحدة وترابط هذا المجتمع مع النضال الوطني
الفلسطيني في الداخل, إلا أنه وللأسف الشديد, فقد جرى ايقاف
نشاطنا الحركي بقرار مركزي من قبل الأخ عباس زكي المشرف العام
على الساحة, وذلك نتيجة للضغوطات والأسباب
التالية:
أ
ـ شعور اصحاب المزارع القديمة في الحركة, أننا نقوم بتعريتهم عبر
نشاطنا المكثف القائم على التطبيق الخلاّق لروح النظام الداخلي
الحركي, وإنهاء الولاءات الشخصية لهم في الساحة الأردنية, والتي
كانوا يعتمدون عليها في الحصول على موازنات العمل والإمتيازات
الإجتماعية والإعتبارية أمام اللجنة المركزية للحركة, وبالتالي
كان اغلاق هذه المزارع يؤدي إلى اغلاق منافذ الإرتزاق والتعيش
على حساب الحركة والنضال الفلسطيني, وهو الأمر الذي دفع أصحاب
هذه المزارع إلى اخافة الدولة من نشاطنا والإستقواء بها لمنعه
وايقافه.
ب
ـ عدم النضوج في فهم الحياة التنظيمية للعديد من القادة والمراجع
السياسية والأمنية, التي كانت تعتمد عليها قيادة الحركة في
الإستخبار عن الساحة الأردنية, والحصول على معطيات لاتخاذ
القرارات المناسبة بشأنها, مع التأكيد على أن العديد من الإخوة,
وبحكم مهام الثورة قبل وجودهم في الساحة الأردنية, قد وصلوا إلى
أعلى المراتب القيادية في الأجهزة النضالية المختلفة, دون أن
يعيشوا لحظة واحدة في تنظيمها, ولذلك ليس لديهم أي علم بحياة
التنظيم وتصرفاته في العمل العام.
ج
ـ تدخل الأجهزة الأمنية الفلسطينية في شؤون الساحة الأردنية, في
محاولة منها لخلق ولاءات خارجية لقيادتها, ولا زال شائعا حتى
يومنا هذا اصطلاح مندوب المخابرات الفلسطينية في الساحة, ومندوب
الأمن الوقائي والإستخبارات وأمن الرئيس وغير ذلك, ولا زال
لهؤلاء الهاربين من الداخل, سلطتهم الوهمية على السفارة والمجلس
الوطني الفلسطيني والعديد من المؤسسات الرسمية الأخرى, وهو الأمر
الذي بات يشير إلى فوضى في العمل الفلسطيني على الساحة الأردنية,
وينبىء بالفوضى والخطورة على سيادة الدولة, هذا فضلا عن غياب
الجدية في التوجهات المركزية للحركة, والعديد من الأسباب الأخرى
التي كانت تؤكد انشغال القيادة في ترتيب الأوضاع الفلسطينية داخل
الوطن المحتل, وتهميش الساحات الخارجية, وأمام هذه الحقائق وبعد
مفاوضات واستيضاحات بين الأخ أبو شامخ, بوصفه سفيرا لدولة فلسطين
في الأردن, ودائرة المخابرات العامة, والتشاور مع الأخ عباس زكي
مسؤول الساحة, تم اصدار بيان من قبل الجهات المختصة في الإقليم,
بإيقاف جميع النشاطات ذات الطابع التنظيمي, واغلاق المكتب الخاص
بهذا الشأن في مبنى قيادة الإنتفاضة سابقا, وتسليم المبنى لدائرة
اللاجئين, وبالتالي أخذ النشاط الحركي بعد هذا الإجراء طابعين
مهمين, الأول المحافظة على الذات والمواقع الشعبية والنقابية
التي تتبوأ الحركة قيادتها, والإبتعاد عن أي خلاف مع الدولة,
والتواصل اجتماعيا وانسانيا في المناسبات الضرورية, والثاني
الظهور سياسيا وتنظيميا في المناسبات الوطنية والتضامنية مع
النضال الفلسطيني في الداخل, والإبتعاد عن المشاركة في أي مؤسسة
حزبية أو هيئة سياسية اردنية بصفتنا التنظيمية, وبالتالي فقد
تمحور نشاطنا بعد ذلك في تمتين علاقاتنا الداخلية, والإنفتاح على
القوى الشعبية الأردنية, والشخصيات الإجتماعية والإعتبارية في
قيادة مرافق العمل العام, والقيام بالمهام التعبوية التي تسهم في
دعم واسناد جماهير الإنتفاضة في الداخل, وحمل الجمعيات الأهلية
والسياسية والعشائرية على التواصل مع النضال الفلسطيني, وعقد
الندوات والإعتصامات التضامنية, وتقديم المساعدات العينية
والنقدية لجماهير الإنتفاضة في الداخل الفلسطيني, هذا فضلا عن
استمرار التواجد في الشارع الوطني, والسعي لتحسين أداء هذا
الشارع وضبط مساراته في اتجاه الدعم والإسناد للشعب العربي
الفلسطيني, وعدم الدخول في تناقضات ومهاترات القوى السياسية
الحزبية التي كانت ولا زالت تسعى لتحقيق مكاسب في الشارع الوطني
الأردني على حساب النضال الفلسطيني.
الدولة
والموقف من الحركة
1
ـ لقد تطورت مواقف الدولة باتجاه حركة "فتح" على الساحة
الأردنية, مع نمو وتطور الكفاح الوطني الفلسطيني نفسه, وقدرة هذا
الكفاح على اقناع الأطراف العربية والدولية بعدالته, واستملاك
القائمين عليه لكل القيم الإنسانية, والمعايير الأخلاقية في
مراتب الشرف والنقاء الوطني, وفي الوقت الذي اذابت فيه تفاهمات
جدة عام 1972, الجليد الذي خيم على العلاقة الفلسطينية ـ
الأردنية, فإن قرارات القمة العربية عام 1974, وما تلاها من
تضامن وتنسيق عربي, قد فتح الباب على مصراعيه لتطور العلاقة
الفلسطينية ـ الأردنية في الآفاق والمناخات الإيجابية, على قاعدة
المصالح المشتركة, ووحدة الجهد والمصير الواحد في مواجهة الأخطار
والأطماع الصهيونية على ضفتي النهر, وبالتالي فإن سياسة الدولة
وتصرفاتها الأمنية في اتجاه حركة "فتح", قد قامت واستمرت على
قاعدة متحركة من المد والجزر, وجمعت في جدلية واحدة بين التقارب
والتباعد السياسي في علاقة الدولة مع قيادة منظمة التحرير
الفلسطينية, والأحداث والوقائع المتحركة في الصراع العربي
الصهيوني, وفي الوقت الذي تركزت فيه السياسة الأمنية للدولة على
عدم اختراق الحدود, ومنع اقامة قواعد فدائية مسلحة على الأراضي
الأردنية, دخلت الدولة في جبهة الصمود والتصدي, وشاركت في كل
الهيئات والمؤسسات العربية التي وقفت في وجه السقوط والمهادنة مع
المشروع الصهيوني, بعد القرار المصري بالتصالح مع هذا المشروع,
ورفعت الغطاء السياسي عن روابط القرى في الداخل, التي أخذت دورا
معاديا لمصالح الشعب العربي الفلسطيني بعد اتفاقيات كامب ديفيد,
وعملت على ارسال المتطوعين وقوات بدر إلى بيروت للدفاع عن الثورة
الفلسطينية, وصرف النظر عن النشاطات الحركية في الأوساط الشعبية
والنقابية, وغيرها من الإجراءات والتصرفات التي كانت تؤدي إلى
دعم النضال الفلسطيني, ورفع درجات التنسيق والتعاون المشترك في
العديد من المجالات والنشاطات السياسية على الساحة الفلسطينية
والعربية والدولية.
2
ـ ميزت الدولة في كل مراحل الإختلاف والتباعد, مع قيادات العمل
الفدائي الفلسطيني, في اجراءاتها الأمنية, ومؤسساتها القضائية,
بين المناضلين المتوجهين إلى فلسطين عبر حدودها, وبين الخلايا
الثورية العاملة داخلها, ففي الوقت الذي تعاملت به الدولة,
بسياسة اللين والمرونة مع المتوجهين إلى فلسطين, فقد اتخذت قرار
الحسم والشدة, مع خلايا وأنشطة الداخل الأردني, وهو الأمر الذي
خضع واستقام على قاعدة الوحدة والصراع في هذا الشأن الداخلي
الخاص.
3
ـ وفّرت الدولة الأردنية الحماية السياسية والأمنية, لمنظمة
التحرير الفلسطينية بعد احداث طرابلس المشؤومة, وانعقاد دورة
المجلس الوطني الفلسطيني في عمان عام 1984, وهو الأمر الذي أحدث
الإنفجار الكبير في علاقة الدولة مع حركة "فتح", والنضال
الفلسطيني على وجه العموم, ومهد الطريق لوجود قيادة الإنتفاضة
الشعبية على الأراضي الأردنية بعد ذلك, ونشاط لجان القطاع
الغربي, وجميع المؤسسات واللجان والهيئات القيادية التي تواصلت
مع الداخل طوال مرحلة الإنتفاضة الأولى عام 1987, وصولا إلى
التنسيق المشترك في محادثات مدريد, وعودة العديد من القيادات
والتشكيلات العسكرية والأمنية إلى الأراضي الفلسطينية بعد
اتفاقيات اوسلو.
4
ـ خلال انتفاضة الأقصى المباركة, وايمانا منا بضرورة ابقاء الحدث
الفلسطيني هو الأبرز في وسائل الإعلام العالمية, وقطع الطريق على
شارون في نقل ازماته خارج حدود فلسطين, فقد سعينا ومن خلال
القنوات المختصة, بعمل مقاربة عميقة في الوعي والتصرفات الأمنية,
بين الحركة ومؤسسات الدولة, وتم عبر هذه المقاربة تبديد جميع
المخاوف السابقة في النظرة والعلاقة مع حركة "فتح" على الساحة
الأردنية, وتشكيل لجنة حركية معلنة أمام الدولة, لتصريف جميع
الشؤون التنظيمية, والأنشطة النضالية التضامنية مع النضال
الفلسطيني في الداخل, وهو الأمر الذي أسس لعلاقات سليمة قائمة
على الثقة والإحترام المتبادل, والعمل والتنسيق لدعم الإنتفاضة
المباركة, وفتح القنوات الشعبية والرسمية لإيصال صوتها وتأثيرها
إلى العالم العربي, ومعالجة جرحاها, وتوصيل الدعم للأسر والعوائل
المتضررة, وكذلك المؤسسات الوطنية والشعبية ومؤسسات السلطة
الفلسطينية, وبالتالي فإن العلاقة الفلسطينية ـ الأردنية بشكل
عام, وعلاقة الدولة مع حركة "فتح" على وجه الخصوص, ناضجة إلى حد
الإشباع, وهي مغلقة بلا رجعة على كل السلبيات الماضية, ومفتوحة
بلا حدود على كل الإيجابيات المستقبلية.
ج
ـ النتائج والتوصيات:
أولا:
النتائج
أ ـ
تعتبر الساحة الأردنية بالنسبة للنضال الوطني الفلسطيني, هي
الرئة الدائمة والإستراتيجية لهذا النضال, والقاعدة الطبيعية
لوحدة وترابط الأسرة العربية المتصلة على ضفتي النهر, ووحدة
وترابط المصلحة الشخصية لأبناء هذه الأمة في الحياة على هذه
الأرض, والمدخل الطبيعي والموضوعي لوحدة الجهد العربي في النضال
الفلسطيني ضد الصهيونية
والإستعمار.
ب
ـ أقيم على الساحة الأردنية, وفي بدايات العمل الفلسطيني, بنية
ثورية متكاملة, وأصبح فيها استنادا إلى النظريات الحديثة في علم
الإجتماع, تشكيلة اجتماعية اقتصادية ثقافية مقاومة للإحتلال,
ومناصرة لاستمرار الثورة ضد المحتل, وبالتالي فإن الحالات
الطارئة في منع المظاهر النضالية ضد الصهيونية والإستعمار في هذه
الساحة, لا ينفي وجود هذه المظاهر, ولا يلغي الرغبة الشعبية في
استمرار دعم المقاومة للمحتلين على الأراضي الفلسطينية, لأن
الثورة ضد المحتل الأجنبي, هي منطق تاريخي تفرضه الأحداث
والوقائع والوعي بالضرورة في التاريخ.
ج
ـ الساحة الأردنية ساحة محورية جامعة من حيث التواجد الحركي
والسياسي للتجربة الفلسطينية, وكذلك التوجهات والسياسات العربية
عموما, فهي ساحة في حالة حركة دائمة تأثيرا وتأثرا, وقد عاد
إليها كل من كان له علاقة بحركة "فتح" في الخارج, سواء أثناء
دراسته في دول العالم, أو أثناء عمله ووظيفته خارج
الأردن.
د
ـ كل مرحلة من المراحل التاريخية التي عملت فيها الحركة على
الساحة الأردنية, كان يبرز فيها قادة ورموز ولجان ومؤسسات حركية,
وبالتالي فهي ساحة تختزن في ذاكرتها ووجودها أنبل المناضلين
والقادة الوطنيين, الذين يشكلون الحصانة الحقيقية للوحدة الوطنية
على الساحة الأردنية, وقاعدة دعم واسناد النضال الفلسطيني,
وتحصينه من الإنزلاقات في متاهات المساومة والتفريط, هذا فضلا عن
وجود ثلاثة عشر مخيما للاجئين الفلسطينيين على هذه
الساحة.
هـ
ـ عبر كل اشكال النضال المختلفة على الساحة الأردنية, ومن خلال
الإصرار على التواجد بين الجماهير, أصبح لحركة "فتح" امتيازات
كبيرة في الشارع الأردني, وهي أداة استنهاض للعمل السياسي في هذا
الشارع, وأداة تحصين للحركة السياسية والثقافية والوعي
الإجتماعي, أمام القوى الظلامية, التي تسعى إلى الإنحراف
بالمنطقة عن قواعد وجودها, وليس فقط المجتمع الفلسطيني في
الشتات, وهي ساحة ناضجة بكل المستويات المطلوبة لإدارة علاقاتها
مع الجميع, بعيدا عن متاهات الخلافات السياسية مع القوى الحزبية
الأردنية والدولة على وجه الخصوص.
و
ـ قام النشاط الحركي على الساحة الأردنية, واستمر على مسطح
معنوي, وقناعات شخصية راسخة, بضرورة العمل ضد المشروع الصهيوني
الإستعماري في المنطقة, وليس على روح الإرتزاق والتعيش على حساب
القضية الوطنية الفلسطينية, والعمل السياسي على قاعدة الموازنات,
والدعم المادي وغير ذلك, مع التأكيد على أن الحركة على الساحة
الأردنية, ليس لها علاقة بالذين كانوا يقبضون على هذه الموازنات
وينفقونها على نشاطاتهم الخاصة.
ز
ـ رسالة حركة "فتح" التاريخية لأبناء الأمة العربية, وحكوماتها
ومؤسساتها الشعبية, وقواها الإقتصادية والإجتماعية, هي رسالة
اخلاقية قائمة على استنهاض كل ما هو ثابت ونبيل في وجود الأمة,
وقد نجحت الحركة في حمل هذه الرسالة وتوصيلها وتعميق تأثيرها من
خلال صلابة بنيانها التنظيمي, وانضباطيتها في الشارع العربي, وهي
قادرة اليوم على مواصلة حمل هذه الرسالة والعمل بمقتضيات خدمتها
على الساحة الأردنية.
ثانيا:
التوصيات
أ
ـ اعادة تفويض القيادات والكوادر الحركية على الساحة الأردنية,
في زيادة النشاط التنظيمي, وتوضيح خطه السياسي وبنيته الداخلية,
ووضع جميع امكاناته وقدراته في مكانها السليم من العمل النضالي
في المرحلة المقبلة من الكفاح الوطني
الفلسطيني.
ب
ـ المرحلة القائمة على المستوى الحركي في جميع الساحات
والأقاليم, هي مرحلة النخبة العقائدية, في اعادة البناء
والتكوين, وهي المرحلة الأكثر دقة وحساسية في العمل التنظيمي,
وطريقة اختيار من ستوضع الأمانات والودائع التاريخية في اعناقهم,
ومن أي صنف هم من الثوريين, وما هي ارتباطاتهم في معاول الهدم
والتسلق والإرتزاق الداخلي, وبالتالي التوجه بكل حكمة وروية إلى
القوى الحركية الأكاديمية, واعطائها الدور المهم في اعادة صياغة
الواقع التنظيمي على الساحة الأردنية, واستملاك ارادة الوعي
بالضرورة في اختيار عناصر القوة في عملية التأطير
والتنظيم.
ج
ـ الإستجابة لجميع الإستحقاقات الداخلية بشقيها المادي والمعنوي,
والإستمرار في استكمال تصنيف الكادر الحركي, وحمايته ماديا
ومعنويا, والإتفاق مع الدولة على دور حركة "فتح" على الساحة
الأردنية, أسوة بالساحتين السورية واللبنانية وجميع الساحات
العربية الأخرى.
د
ـ اعتبار الساحة الأردنية ساحة مركزية اساسية, واعطائها جميع
الحقوق القائمة على هذا الإعتبار, وخاصة البعثات التعليمية
والمخصصات والموازنات اللازمة, وكذلك الحجم التمثيلي في
المؤتمرات والمؤسسات القيادية, والإبتعاد عن جعلها مكان عمل للذي
ليس له عمل من القيادات الحركية.
هـ
ـ الإعداد للمؤتمر الحركي السادس بكل هدوء وحكمة وروية, وعدم
الخضوع للضغوط والغوغاء التي يسعى اصحابها للإصطياد في اللجاج
والعواصف, والسير بالحركة والقضية الوطنية الفلسطينية إلى دوائر
اليأس والإحباط, وصولا إلى تصفيتها واخراجها من
التاريخ.
و
ـ اعطاء التنظيم الحركي على الساحة الأردنية الدور اللائق,
والإمكانات المادية المطلوبة, لإنشاء مراكز العلوم والأبحاث
السياسية, واعادة انتاج الثقافة الوطنية القادرة على تصويب
الموقف العربي, وتأكيد قواعد الوحدة الشعبية بين جماهير الأمة
على ضفتي النهر, انطلاقا من شعارنا الخالد وحدة الضفتين أرض
المعركة.
ز
ـ الإبتعاد عن سياسة المنافذ المتعددة للعمل التنظيمي, والتي أدت
إلى خلق الشلل والتكتلات ومراكز القوى داخل الحركة, واعادة توضيح
وتصليب الخط السياسي والتنظيمي لحركة "فتح" وضمان
وحدته واستمراره.
ثالثا:
اعادة بناء وتصحيح اوضاع منظمة التحرير
الفلسطينية
1
ـ لقد شكلت خسارة الساحة اللبنانية, كقاعدة ارتكازية لتواجد
ونضال الثورة الفلسطينية بعد عام 1982, وانهيار الكتلة
الإشتراكية, وغياب الظهير العالمي لكفاح الشعب العربي الفلسطيني,
وتحلل الواقع الرسمي العربي من التزاماته المادية والسياسية
والإعلامية تجاه منظمة التحرير, والقضية الفلسطينية لاحقا,
البداية الموضوعية لجميع التحولات الخطيرة التي حدثت في التوجهات
السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية, وانكفائها السريع عن قواعد
ومرتكزات وجودها, كبنية وطنية مناضلة ضد الصهيونية والإستعمار في
الواقع العربي, وصاحبة مشروعية اساسية في الدفاع عن وحدة وترابط
القضية الوطنية المركزية للأمة, ووحدة وترابط المشيئة والإرادة
العربية في دعم واسناد هذه القضية, واصرار الجماهير العربية على
تحرير فلسطين, وهزيمة الأهداف والأطماع الصهيونية ـ الأميركية,
وبالتالي الإنزلاق بالصورة التي حدثت في متاهات المشاريع والحلول
السلمية الأميركية ـ الصهيونية, والتعاطي مع الخداع والشراك
المعادية لخطها السياسي, واساليبها الكفاحية في حل الصراع العربي
ـ الصهيوني.
2
ـ تفاقمت حدة الأزمات الوطنية الفلسطينية نتيجة للظروف والوقائع
السابقة, وبرزت في ساحة العمل الفلسطيني أزمة الوجود والعمل
الفلسطيني نفسه من الساحات العربية, وأزمة النظرية والتطبيق في
بنية الحركة الفلسطينية بكل تفصيلاتها وضغوطها على منظمة التحرير
الفلسطينية, ودورها السابق في ادارة الصراع, على قاعدة وحدة وترابط
الأهداف الوطنية للشعب العربي الفلسطيني, في نضاله المشروع
لتحرير بلاده, والأخذ بمبدأ حرب التحرير الشعبية طريقا لإنجاز
مهمة التحرير, ومنهجا عقائديا لبلورة الشخصية الوطنية
الفلسطينية, القادرة على مواصلة الكفاح حتى تحرير كل
فلسطين.
3
ـ لقد فتحت جميع هذه الأزمات والمعطيات, الأبواب على مصراعيها
للتحولات العميقة, والإجتهادات المختلفة في الساحة الفلسطينية,
والتي أدت في نهاية المطاف إلى فتح الآفاق الفلسطينية للتعاطي مع
المساعي السلمية, لحل الصراع العربي ـ الصهيوني, والأخذ بهذا
الخيار (إلى جانب الخيارات الأخرى) التي قام عليها النضال الوطني
الفلسطيني, وأخذ مشروعيته واستمراره, وبالتالي جاءت الإنتفاضة
الشعبية الفلسطينية عام 1987, على خلفية هذه التحولات
والإجتهادات, لتؤسس لمرحلة جديدة من العمل والتوجهات الفلسطينية
أيضا, وطرحت شعار ازالة الإحتلال, واقامة الدولة الفلسطينية, على
الأراضي التي تسعى الإنتفاضة الشعبية لطرد المحتل
منها.
4
ـ كان شعار الإنتفاضة الشعبية عام 1987, شعارا موضوعيا وممكنا,
لكفاح المنتفضين في الداخل الفلسطيني, وليس برنامجا لمنظمة
التحرير الفلسطينية, والقوى والحكومات العربية في الخارج, ولم
تطرح الإنتفاضة الشعبية عام 1987 تكييف أي حالة نضالية فلسطينية
أو عربية مع شعارها في الإطار العربي والفلسطيني خارج حدود
فلسطين.
5
ـ نتيجة لعدم وجود شيء تعمله منظمة التحرير الفلسطينية في هذه
المرحلة, أخذت شعار الإنتفاضة الشعبية غطاء لحسم وإنهاء الجدل
التاريخي داخلها, "حول المرحلية والتحرير الكامل, والثورة
الشعبية المسلحة, والأخذ بالخيارات الأخرى", وبالتالي انتقل مبدأ
البحث عن الحلول السلمية, والأخذ بكل الخيارات الكفاحية إلى
دائرة الفعل والممارسة, واللقاء والتفاوض مع العدو الصهيوني
وادواته وقنواته الأمنية والإقتصادية, التي كانت منتشرة في كل
بقاع الدنيا, لتعزيز هذا المنهج الجديد في الأوساط الفلسطينية,
وحمل الإرادة السياسية على الأخذ به كخيار استراتيجي وحيد,
وبديلا عن كل الخيارات السابقة في حل الصراع العربي ـ
الصهيوني.
6
ـ كان واضحا أن التفاوض مع العدو الصهيوني, على قاعدة الحلول
السلمية في هذه المرحلة الخاصة من الضعف الفلسطيني والعربي, ومن
المواقع والقواعد التي ترتكز عليها منظمة التحرير الفلسطينية,
ستجري خارج الحقائق والمعطيات والقوانين الموضوعية للصراع العربي
الصهيوني, وتؤدي إلى سلخ منظمة التحرير الفلسطينية عن مشروعية
وجودها الوطني والنضالي, ووحدة ترابط القضية الوطنية التي نشأت
من أجلها, وبالتالي اعادة صياغة وبناء منظمة التحرير الفلسطينية
من جديد, على مشروعية واهداف جديدة, خارج الوعي بالضرورة في
التاريخ, والحقائق والوقائع التي حكمت وتحكم الصراع العربي
الصهيوني, وهو الأمر الذي أدى إلى انهيار منظمة التحرير
الفلسطينية, كبنية ثورية مقاومة للأهداف والأطماع الصهيونية في
الوطن العربي, وتشكيلة اجتماعية اقتصادية عسكرية ثقافية مناضلة,
ومدعومة من الواقع العربي بشقيه الرسمي والشعبي, والإغلاق عليها
في دائرة مطبقة من الشلل والسلبية, لاستخدامها في المناسبات التي
يريدها العدو الصهيوني.
لقد
جرى خداع العقل العربي في هذه المرحلة من المفاوضات الفلسطينية ـ
الصهيونية, وجرى في سياق هذا الخداع, سرقة منظمة التحرير
الفلسطينية, وتمزيق ميثاقها الوطني, وتصفية قواتها العسكرية
ومعسكراتها ولجانها الوطنية والتنظيمية والسياسية والفكرية في
الخارج, واغلاق قنواتها ومنافذ ارتباطها في الواقع العربي
والعالمي, من أجل تصفية الشعب العربي الفلسطيني, وممارسة كل
أنواع الإبادة الجماعية والتطهير العرقي.
8/12/2005
3/3
خط الخضوع انقلب على تيار الثورة في
السلطة الفلسطينية منهياً تعايش
المتناقضات
ـ
إخضاع السلطة لمنظمة التحرير وإرادتها السياسية في مقدمة
الإصلاحات المطلوبة للمرحلة المقبلة
ـ منع السلطة من إقامة أي مؤسسة أو هيئة أو وزارة
تتعارض مهامها ودور منظمة التحرير في
الخارج
ـ
المطالبة بإعادة بناء المجلس الوطني على قاعدة الثلث للداخل
والثلثين للخارج بأغلبية الثلثين للفصائل
ـ مطلوب رفع الغطاء السياسي والأمني عن الفاسدين
واللصوص وتقديمهم للقضاء واسترجاع
المسروقات
عمان ـ
شاكر الجوهري:
التقرير
الذي رفع للقدومي من خلال عباس زكي المشرف على التنظيم في
الأردن, يتناول المهمات التي أنجزت بعد أن آل الإشراف على
التنظيم إلى عباس زكي. ثم يستعرض التقرير تطور وتقلب العلاقة بين
الحكومة والأجهزة الأمنية الأردنية والتنظيم, ويخلص من كل ذلك
إلى جملة نتائج وتوصيات هامة.
ثم
ينتقل التقرير إلى تناول إعادة بناء وتصحيح أوضاع منظمة التحرير
الفلسطينية, مسجلا الخسائر التي لحقت بها, وما يتوجب عمله من أجل
الحفاظ عليها وإعادة بنائها.
ويختم
التقرير بذات اللغة النقدية, مشخصا واقع السلطة الفلسطينية
والإصلاح المطلوب انجازه فيها.
هنا
نص القسم الثالث من التقرير الوثيقة:
وبالتالي
خسرت منظمة التحرير الفلسطينية, بالإضافة إلى شكلها ومضمونها
الوطني التحرري, وقبل مرحلة المفاوضات الجدية مع العدو الصهيوني,
العناصر المهمة التالية:
أ
ـ الدعم المادي والسياسي والإعلامي, والشرعية العربية لنشاطها,
كمنظمة وطنية بين جماهير الأمة, حيث كانت منظمة التحرير
الفلسطينية تتقاضى مخصصات دولة مواجهة, من الجامعة العربية التي
قامت بإنشائها عام 1964, ضمن آفاق العمل القومي لتحرير فلسطين,
والدور العربي لإنجاز مهمة التحرير, الذي كان يقوده الزعيم
القومي الراحل جمال عبد الناصر, والذي أعطى في حينه الدور الخاص
والمميز لمنظمة التحرير الفلسطينية, في الجمع بين المجهود الشعبي
العربي لدعم وإسناد الكفاح الوطني الفلسطيني على امتداد كل ساحات
الوطن العربي الكبير, والقوى العربية الرسمية التي يجب أن تقوم
بعملية التحرير من خلال قواتها المسلحة, وكذلك استخدام جميع
الوسائل الإعلامية والدبلوماسية العربية, لبناء التضامن العربي
والدفاع عن شرعية الوسائل النضالية التي تمارسها منظمة التحرير
الفلسطينية, ضد العدو الصهيوني في كل مواقع النضال والمواجهة مع
هذا العدو.
ب
ـ خسرت منظمة التحرير الفلسطينية إضافة إلى بنيتها الوطنية
الخاصة في الخارج, جميع اللجان والمؤسسات والمنابر الشعبية
العربية, الداعمة والمساندة لكفاح الشعب العربي الفلسطيني في
جميع الساحات العربية, وبالتالي خسرت الموقف الشعبي الضاغط على
الحكومات العربية, لدعم وإسناد الكفاح الوطني
الفلسطيني.
ج
ـ خسرت منظمة التحرير الفلسطينية, وحدة التكوين الثقافي والنفسي
العربي, الذي قام على قاعدة المقاومة للصهيونية والاستعمار في
البلاد العربية, ولا زال قادرا في هذا الإطار على إغلاق كل منافذ
التطويع والخضوع لسياسة الأمر الواقع, التي تحاول الصهيونية
العالمية وأدواتها المحلية, فرضها على الإنسان
العربي.
د
ـ خسرت منظمة التحرير الفلسطينية, كل حلفاء النضال الفلسطيني في
الإطارين الإسلامي والعالمي, وكذلك الحركات الفكرية والسياسية
المناهضة للرجعية والفاشية والعنصرية والعولمة, وجميع المساعي
الدولية, القائمة على محاربة التفرد الأميركي ـ الصهيوني في
قيادة العالم, وتحديد مساراته, هذا فضلا عن فجيعتها للشعوب التي
كانت تقدم للنضال الوطني الفلسطيني كل أنواع التدريب والتسليح
والمساعدات المادية والسياسية على حساب أبنائها, وقوى العمل
والإنتاج فيها, هذا فضلا عن خسارتها لشعبها, عندما اعترفت بحق
الكيان الصهيوني بالوجود, مقابل اعتراف هذا الكيان بها, بدلا من
الاعتراف الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني في الحرية وتقرير المصير,
وهو الأمر الذي أدى إلى خسارتها لجميع مظاهر تأثيرها في الواقع
المحلي والعالمي, والتعامل معها كإطار عام متنازع عليه, بين قوى
وتيارات فلسطينية غير منسجمة مع ذاتها, وتسير بقضية شعبها نحو
الهبوط والانحدار.
خطوات
للإصلاح
وانطلاقا
من هذه الحقائق, وتأكيدا على أهمية إعادة الدور الأساسي لمنظمة
التحرير الفلسطينية في قيادة النضال الوطني الفلسطيني, فإننا
نؤكد على ما هو آت:
1
ـ إعادة إصلاح وتصويب الخط السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية,
على قاعدة القواسم المشتركة بين فصائل وتنظيمات المجتمع
الفلسطيني, وقواه الحية المناضلة, ووحدة القضية الوطنية لشعبنا
المناضل, غير الخاضعة للتجزئة والتفريط, وحمايتها من جميع
الإسقاطات والاختراقات السياسية, التي تسعى التيارات الانهزامية
إلى فرضها على الشعب العربي الفلسطيني, وإعادة الهيبة والاحترام
للعمل الوطني الفلسطيني في الأوساط الشعبية والرسمية العربية
والعالمية, وبناء موقف سياسي عربي داعم ومساند للنضال الفلسطيني,
القائم على التمسك بالشرعية الدولية, وحق العودة والتعويض,
وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس
الشريف.
لقد
أصبحت المرحلية السياسية حقيقة موضوعية في العمل الفلسطيني, ضمن
الظروف والمعطيات القائمة في الواقع المحلي والعالمي, وقد حزمت
جميع التنظيمات الوطنية والإسلامية أمرها بهذا الاتجاه, وهو
الأمر الذي يفرض ضرورة التوحد على برنامج سياسي واضح ودقيق, يمكن
من صيانة حقوق شعبنا المناضل, يؤدي إلى خلق واستملاك الأداة
النضالية الضاغطة والقادرة على انجاز هذا
البرنامج.
2
ـ إعادة بناء سلطة القرار الوطني الفلسطيني, والإسراع في إعادة
الوحدة لمنظمة التحرير الفلسطينية في جميع مؤسساتها التشريعية
والتنفيذية والمالية والإدارية والأمنية والعسكرية, بما يمكن من
إعادتها إلى مشروعيتها الوطنية والقومية, كإطار شرعي جامع لوحدة
الشعب العربي الفلسطيني, ووحدة الجهد والدور القومي, الذي يجب أن
تقوم به الأمة في حماية القضية والنضال الفلسطيني, وجبهة وطنية
حقيقية قادرة على توحيد جميع المنظمات والفصائل الوطنية
والإسلامية, والتيارات والقوى الفكرية والاقتصادية
والاجتماعية.
مجلس وطني
جديد
3
ـ إعادة بناء المجلس الوطني الفلسطيني, بما يمكن من التعبير عن
الحالة العميقة في اندفاع الشعب الفلسطيني, نحو الانخراط في
التنظيمات والفصائل الوطنية والإسلامية, وحقها التاريخي في
التعبير عن مشيئتها وإرادتها الحرة, في تسمية وتعيين أعضائها في
المجلس الوطني الفلسطيني, وتأكيد إرادتها كجهة وطنية مسؤولة عن
كفاح الشعب العربي الفلسطيني, وحماية منجزاته ومؤسساته الوطنية,
وإنهاء حالة الترهل والشيخوخة, التي أصابت المجلس الوطني
الفلسطيني, وأدائه التشريعي والرقابي على كفاح شعبنا المناضل
الصبور, وإعادة النظر بصورة مسؤولة في القوانين والمعايير التي
تحكم طريقة اختيار الأعضاء للمجلس الوطني الفلسطيني, ونوعية
هؤلاء الأعضاء, والمدة الزمنية التي يمكن إشغالها في عضوية
المجلس الوطني الفلسطيني, على أن لا تزيد عن ضعف المدة القانونية
للمجلس التشريعي في الداخل, هذا فضلا عن أهمية أن تكون حصة
الفصائل والتنظيمات الوطنية والإسلامية, هي ثلثي أعضاء هذا
المجلس, ويكون المجلس التشريعي المنتخب عن طريق الانتخاب المباشر
من الشعب الفلسطيني في الداخل, هي الثلث المكمل لأعضاء المجلس
الوطني الفلسطيني, وخاضعا خضوعا مباشرا لجميع أنظمة وقرارات
وإرادة المجلس الوطني الفلسطيني.
إن
الحالة القائمة الآن في تركيبة ودور المجلس الوطني الفلسطيني, لا
يمكن إصلاحها بزيادة أو نقصان الأعضاء القائمين في المجلس الوطني
الفلسطيني, بل بفرض الولاية السياسية على هذا المجلس من قبل
التنظيمات والفصائل الوطنية والإسلامية, وإعادة فكه وتركيبه من
جديد, على قاعدة التعيين للعقول والخبرات الوطنية التي تراها
فصائل ومنظمات العمل الفلسطيني مناسبة لعضويته في الشتات,
والانتخاب المباشر من الداخل للمجلس التشريعي.
إعادة هيكلة
الشعارات
4
ـ إعادة هيكلة السفارات الفلسطينية في الوطن العربي والعالم,
وتخليصها من الحجم الزائد في الموظفين, والمعينين على قاعدة
المحسوبية والقرابة, والصداقة الشخصية, والرغبة في الملكية
والتوريث, وإعادة الطبيعة الشعبية الوطنية لهذه السفارات, بحيث
تتواصل مع مهامها كمؤسسات نضالية فاعلة بين جماهير الأمة, وشعوب
العالم المناصرة والصديقة للقضية الوطنية الفلسطينية, وتقديم
الوعي السياسي لهذه الشعوب, وزيادة معرفتها بالأطماع والأهداف
الصهيونية, والجرائم المرتكبة بحق شعبنا العربي الفلسطيني, وجعل
الدبلوماسية الفلسطينية قائمة على توضيح حق ألأمة التاريخي في
تحرير فلسطين واسترجاعها, واستملاك الإرادة السياسية القادرة على
حماية الوحدة الجغرافية للوطن العربي الكبير.
5
ـ إعادة النظر في سياسات ومداخيل وأوجه الإنفاق القائمة في
الصندوق القومي الفلسطيني, وتصرفات وممارسات القائمين على
إداراته الفرعية والمركزية, وإنهاء حالة التسيّب القائمة في
الصندوق القومي, ووضع هذه المؤسسة وجميع موظفيها تحت الرقابة
الحساسة والمباشرة لفصائل ومنظمات العمل
الفلسطيني.
6
ـ إعادة النظر في سلم الرواتب والمستحقات المالية للعاملين في
جيش التحرير الوطني الفلسطيني على الساحة الأردنية, وإنصاف
المحررين والمبعدين الملحقين على مرتبات هذا الجيش ضمن المراتب
العسكرية والمدنية, على قاعدة "الشركاء في النضال والتضحية,
شركاء في الحياة", علما أن جميع المحررين والمبعدين الملحقين على
مرتبات جيش التحرير الوطني الفلسطيني في الساحة الأردنية, قد
أمضوا النصف المهم من أعمارهم في السجون والمعتقلات الصهيونية,
وقد جرى السطو على حقوقهم المادية والمعنوية, ومصادرتها من قبل
أشخاص وتوجهات طفيلية مريضة, لم يكن لها الحق في استملاك مشروعية
تقييم وتصنيف هؤلاء المناضلين, حيث جرى تصنيفهم على قاعدة المزاج
الشخصي والصداقة مع الجهات التي تولت هذه المهمة, وليس على قاعدة
الحق في الحياة الحرة الكريمة, والحماية المادية والمعنوية
الكاملة, هذا فضلا على أن بعض المناضلين في هذا القطاع, يحصلون
على مخصصات مالية لا تتجاوز في حدها الأعلى 150 دينارا شهريا,
وقد كان هذا المبلغ كافيا لحياتهم الشخصية قبل 20 عاما, وللأسف
الشديد فقد أصبح هذا المبلغ معيبا, ويشكل اهانة لأسرة نضالية,
أصبح عدد أفرادها يزيد على السبعة أعضاء, في ظل رعاية أب قضى
أكثر من 10 سنوات متواصلة داخل السجون والمعتقلات الصهيونية,
للمتوسط العام من بين هؤلاء المناضلين, مع التأكيد على أهمية
التأمين الصحي والتعليمي لأبناء هؤلاء المناضلين, والاستفادة من
خبرتهم الفكرية والسياسية والتنظيمية في إعادة بناء الثقافة
الوطنية الفلسطينية, وإشغال الوظائف المهمة في السفارات
والمؤسسات الإعلامية الحركية وأقسام ودوائر منظمة التحرير
الفلسطينية في الخارج.
دور
الأمة
7
ـ يجب أن لا ننسى أن فلسطين الواقعة تحت الاحتلال والأسر
الصهيوني, لا يمكن لها أن تقوم بتحرير نفسها بعيدا عن أمتها
العظيمة في الخارج, فالواقعون خلف قضبان الأسر يقومون فقط
بالصمود, وقد نجح الشعب العربي الفلسطيني في إبهار العالم
بصموده, وبالتالي يجب علينا, وحماية لهذا الشعب العربي الكريم,
أن نعيد الاعتبار لدور أمتنا, في حماية فلسطين والدفاع عنها,
وحمل الحكومات العربية والجامعة العربية أيضا, على دفع جميع
المخصصات المقررة لمنظمة التحرير الفلسطينية, واستبعاد سياسة
الإقراض من البنك الدولي والتسول على أبواب الدول المانحة, التي
لا يمكن لها أن تقدم شيئا للقضية الوطنية الفلسطينية, دون مقابل
سياسي, مجحف بحق هذه القضية.
رابعا: السلطة الوطنية
والإصلاح المطلوب
1
ـ لقد برزت السلطة الوطنية الفلسطينية في التاريخ الفلسطيني,
كنتيجة موضوعية لكل التداعيات والإختلالات والتحولات التي حدثت
في السياسة الدولية, والأوضاع العربية والفلسطينية, بعد انهيار
الكتلة الشرقية والتفرد الأميركي في حكم وقيادة العالم, وبالتالي
كان ميلادها هو النتيجة الطبيعية لهزيمة قوى التحرر العالمي,
وتعاظم الأخطار الداخلية والخارجية التي أخذت تواجه الشعوب
النامية والفقيرة, وحركات التحرر والاستقلال الوطني, في ظل هذا
التفرد الخطير, وسياسة الطحن والتفكيك, التي أخذت بها الإدارة
الأميركية, لإزالة وتدمير جميع الدول والبنى العقائدية في
العالم, التي شكلت بدورها أساس وجود القطبين في مرحلة الحرب
الباردة, وقواعد السياسة الدولية في هذه
المرحلة.
2
ـ جمعت السلطة الوطنية الفلسطينية في بنيتها الأساسية, وجميع
برامجها وغاياتها وأهدافها وأقسامها وهياكلها ومؤسساتها الأمنية
والمدنية, بين خطين متناقضين في الوجود والمصلحة والأهداف, الأول
هو خط الثورة ومواصلة الصمود والنضال ضد المشروع الصهيوني
الاستعماري في المنطقة, والثاني هو خط الهزيمة والخضوع لشروط
الانكسار الذي حدث على الساحة الكونية, وفي جبهة الدعم والاصطفاف
الوطني الفلسطيني على وجه التحديد, وشكلت حالة خاصة من التعايش
بين المتناقضات والأضداد, نتيجة لمركزية السلطات وحكمة ورشاد
الإدارة السياسية في القوى الحية داخل المجتمع الفلسطيني, والتي
تمكنت عبر هذين المحورين ـ مركزية السلطات وحكمة الإرادة
السياسية ـ من حماية السلم الداخلي في المجتمع الفلسطيني, ومنع
الاقتتال والحروب الأهلية, والتخفيف من حدة الصراعات الناتجة عن
هذا التعايش غير الطبيعي في هذه المرحلة من الجمع والتزاوج بين
هذه المتناقضات والأضداد.
3
ـ كانت اتفاقيات أوسلو الغامضة, التي قامت على أساسها السلطة
الوطنية الفلسطينية, تميل في طابعها السياسي إلى البرامج
الأمنية, وحمل أعباء ومعيشة المجتمع الفلسطيني تحت الاحتلال,
والقيام بمهام المحتل في تصريف شؤونه, أكثر من ميلها إلى الطابع
السيادي والمصلحة الوطنية في إقامة الدولة المستقلة, كما كان
مطلب وشعار الانتفاضة الشعبية عام 1987, وهو الأمر الذي أبقى
الباب مفتوحا لقوى افتراضية كبيرة تسعى إلى الالتحام مع خط
الثورة, ومواصلة الصمود والنضال داخل التركيبة الأساسية للسلطة
الوطنية الفلسطينية.
تركيبة
مزدوجة
4
ـ كانت التركيبة المزدوجة للسلطة الوطنية الفلسطينية, تفرض عليها
في بداية نشاطها التمسك بعموميات المظاهر الوطنية الفلسطينية, من
أجل تبرير وجودها وفرض هيبتها على المجتمع الفلسطيني في الداخل,
ولذلك حافظت السلطة الوطنية الفلسطينية على العناصر المهمة
التالية, في الطابع العام لنهجها السياسي وإجراءاتها الإدارية
والأمنية على الأرض:
أ
ـ استقطاب العناصر الوطنية في تركيبة إداراتها الأمنية
والمدنية.
ب
ـ استبدال مناهج التربية والتعليم التي كانت قائمة في عهد
الاحتلال, بمناهج جديدة وهوية ثقافية جديدة, ودخول تركيبة السلطة
الوطنية الفلسطينية في هذه المناهج, كمادة دراسية لأطفال
فلسطين.
ج
ـ الضغط على الضعفاء من العملاء والجواسيس, وحملهم على الهروب
والرحيل مع أسرهم وأبنائهم إلى المناطق المحتلة من فلسطين عام
1948.
د
ـ نشر وإشاعة مظاهر الهوية الوطنية الفلسطينية, في الأوساط
الشعبية الفلسطينية التي تؤكد وجود هذه المظاهر, وبناء المراكز
الأمنية والمقرات البوليسية.
هـ
ـ استبدال بطاقات إثبات الشخصية التي اصدرها الحكم العسكري
الصهيوني, بجوازات سفر وبطاقات إثبات شخصية جديدة, تحمل مظاهر
الهوية الوطنية الفلسطينية, وليس حقوق
الجنسية.
و
ـ إنشاء الإذاعة والتلفزيون الفلسطيني, والمطار والمجلس التشريعي
والحكومة والوزارات والدواوين والمحاكم.
الانقلاب على
الثورة
لقد
تمسكت السلطة الوطنية الفلسطينية بهذه العناصر المهمة, لتبرير
وجودها كظاهرة سياسية جديدة في المجتمع الفلسطيني, ومقابل هذه
العناصر نشطت القوى المهزومة في تركيبة السلطة الوطنية
الفلسطينية, لفرض إرادتها على المسارات المهمة التالية, كمقدمة
لبلورة ذاتها كقوة حاسمة في وجود السلطة الوطنية الفلسطينية
نفسها, والانقلاب على تيار الثورة ومواصلة الصمود
والنضال:
1
ـ السيطرة على جميع المسارات الاقتصادية في المجتمع الفلسطيني
الواقع تحت الاحتلال, حيث قام هذا التيار باستخدام السلطة
الوطنية الفلسطينية, وقوانينها وإداراتها المختلفة, لاستملاك
النشاط التجاري في المجتمع الفلسطيني, وانتزاع وكالات الشركات
المحلية, والارتباط مع وكلاء البضاعة الصهيونية في السوق المحلي,
والحصول على وكالات الشركات الصهيونية والعالمية في هذا السوق,
وبالتالي تشكيل طبقة رأسمالية طرفية, لها مصلحة دائمة في بقاء
الاحتلال, وفرض هيمنة المحتل على السوق الفلسطيني بالقوة
العسكرية, والإجراءات الأمنية والإدارية, التي تمكن العدو
الصهيوني من تهويد السوق, وتهويد العلاقات الاقتصادية, والثقافة
الاستهلاكية الفلسطينية تحت الاحتلال.
2
ـ السيطرة على المسارات الاجتماعية في المجتمع الفلسطيني الواقع
تحت الاحتلال, عبر الأنظمة والأنشطة الإعلامية والبوليسية
الفلسطينية, في ملاحقة القوى والعناصر الوطنية, والتضييق عليها
وإقناعها بلا جدوى المقاومة للمحتلين الصهاينة, بكل أشكالها
وأساليبها التقليدية, وتفتيت جميع البنى والهياكل الاجتماعية
والاقتصادية التي كانت قائمة على هذا الأساس, ومنع المقاومة
الفلسطينية من ممارسة أعمالها النضالية, في حالة فشل الديموغوجيا
الانهزامية في الإقناع والتطويع, أي ردع المقاومة بالقوة الأمنية
القائمة, وتصفيتها جسديا أو الزج بعناصرها في السجون والمعتقلات
التي جرى بناؤها حديثا في أحسن الأحوال
والظروف.
3
ـ السيطرة على المسارات السياسية لقوى السلطة الوطنية
الفلسطينية, ومحاولة استملاك إرادة العمل السياسي في المجتمع
الفلسطيني في حالة الفشل في احتواء الحركة الوطنية الفلسطينية
والمقاومة الشعبية, وإدخال السلطة الوطنية الفلسطينية في
اتفاقيات ومعاهدات وبرامج غير واضحة وغير مفهومة, تؤدي في نهاية
المطاف إلى إرهاق المجتمع الفلسطيني, ويأسه من المقاومة والنضال,
وبالتالي افتعال الأحداث والتناقضات والخلافات الداخلية, لزيادة
إرباكه وانحرافه عن أهدافه وغاياته السياسية, وإجباره على الأخذ
بأولويات جديدة, على قواعد وأسس جديدة, يشكل فيها مطلب وقف
الاعتداءات والتصفيات الجسدية لأبنائه, أساس هذه الأولويات, وليس
جلاء القوات المحتلة ورحيل الاحتلال.
تعايش
المتناقضات
لقد
أخذ تيار الثورة, ومواصلة الصمود والنضال, ضد المشروع الصهيوني
في تركيبة السلطة الوطنية الفلسطينية, هذه العناصر أساسا لصراعه
الداخلي مع هذا التيار, وبالتالي واصل نهجه القائم على استمرار
التعايش مع التركيبة المتناقضة في السلطة الوطنية الفلسطينية,
ونجح من خلال التمسك بمركزية السلطات, والحفاظ على إرادة
المقاومة في تشكيلات القوى الوطنية الفلسطينية, وطوال المرحلة
التاريخية التي قادها الشهيد المناضل ياسر عرفات, في المحافظة
على العناصر المهمة التالية, في حياة السلطة الوطنية الفلسطينية,
ونضال المجتمع الفلسطيني تحت الاحتلال:
أ
ـ توفير الحماية السياسية والقانونية, وكذلك الشرعية الوطنية,
لنشاط التيارات المقاومة في السلطة الوطنية الفلسطينية, والمجتمع
الفلسطيني, ومنع ملاحقتها الساخنة وإخراجها عن القانون, أو قمعها
وإلغاء دورها وحقوقها المادية والمعنوية في مؤسسات وإدارات
السلطة الوطنية الفلسطينية.
ب
ـ تغذية تيارات المقاومة في المجتمع الوطني الفلسطيني, ضمن
السقوف والحدود الأعلى من سقوف وحدود الاتفاقيات والمعاهدات
القائمة, بين السلطة الوطنية الفلسطينية ومؤسسة
الاحتلال.
ج
ـ رفع جاهزية المجتمع الفلسطيني للصمود الوطني, عبر تدريب أبنائه
على استخدام السلاح, في المدارس والمعاهد والجامعات, وإفشاء روح
المقاومة بين الجماهير الشعبية, وتخفيف حدة التدخلات الأمنية في
شؤونه, ومنع هذه الأجهزة من الإستقواء والتغول على القوى الوطنية
والإسلامية.
د
ـ إغلاق جميع المنافذ على الحلول والمشاريع السياسية, التي تنتقص
من حق الشعب العربي الفلسطيني في إقامة دولة مستقلة, ذات سيادة
كاملة على الأراضي الفلسطينية التي جرى احتلالها عام
1967.
هـ
ـ الإبقاء على كل الخيارات مفتوحة أمام الشعب العربي الفلسطيني
في نضاله المشروع لانتزاع حقوقه, وإخفاء الصراع الذي افتعلته
التيارات الانهزامية مع القوى الإسلامية والوطنية, والتغلب على
تداعياته وآثاره.
و
ـ الحفاظ عل مظاهر الدعم والإسناد العربي, للنضال الوطني
الفلسطيني, ومنع القوى الانهزامية من إسقاط دور الأمة العربية في
دعم القضية الوطنية للشعب العربي الفلسطيني.
الوحدة
والصراع
لقد
عملت البنية القائمة في تركيبة السلطة الوطنية الفلسطينية, ضمن
هذين الخطين, على قاعدة الوحدة والصراع, التي تمثل وحدة التركيبة
الواحدة للسلطة الوطنية الفلسطينية نفسها, وتمكنت من حماية
الحالة السياسية الفلسطينية, وإبقاء خيارات المقاومة قائمة
ومفتوحة على جميع المسارات, وبالتالي جاءت انتفاضة الأقصى
المباركة, لتضع النقاط على الحروف, وتحدد بدقة عمق الاختراقات
السياسية والأمنية القائمة في هيكلية السلطة الوطنية الفلسطينية,
ودرجة الاستهداف لقوى المجتمع الفلسطيني, وتياراته الوطنية
المتعددة, حيث أبقى الاحتلال الصهيوني جميع الأبواب مفتوحة
للقيادات والرموز والهيئات التي وقفت إلى جانب مصالحها مع
الاحتلال, وعزلت نفسها وما تملك من قوة ضغط, وتعليمات وتوجيهات
لأجهزتها وإداراتها الأمنية, والمدنية والاقتصادية, عن قوى
المقاومة والصمود في تركيبة السلطة الوطنية الفلسطينية, وجميع
تشكيلات المجتمع الفلسطيني على وجه الخصوص, ومكنت العدو الصهيوني
من التفرد والإنفراد بالقوى الوطنية والإسلامية في المجتمع
الفلسطيني, والعناصر والقيادات الوطنية في أجهزة السلطة
الفلسطينية, وحصار قائد ورمز النضال الفلسطيني, واستشهاده, في
محاولة خاسئة بإذن الله, لسحق وتدمير روح الصمود والمقاومة في
الشعب العربي الفلسطيني, وبالتالي تعزيز شهية العدو الصهيوني في
الرهان على القوى الانهزامية, ودورها في تعميق حالة الانكفاء عن
المقاومة, وانسلاخها عن أهدافها المشروعة.
إن
السلطة الوطنية الفلسطينية, تمر في لحظة مفصلية حاسمة, لا سيما
بعد استشهاد القائد العظيم ياسر عرفات, وغياب الشعور بالضمانات
الحقيقية لاستمرار المقاومة, والحماية لقوى الثورة والصمود
الوطني, وهو الأمر الذي يفرض علينا, وإيمانا منا بالقدرة على
مواصلة النهج الوطني للسلطة الوطنية الفلسطينية, من خلال قيادة
حركتنا الثورية "فتح", لهذه السلطة وتجربتها المميزة في التعامل
مع الأضداد والتناقضات, الإسراع في إجراء الإصلاحات والتعديلات
التالية, على بنية السلطة الوطنية الفلسطينية, وبرامجها
وتصرفاتها بين الجماهير في المرحلة المقبلة من نضالنا
الوطني:
إخضاع السلطة لمنظمة
التحرير
أولا:
إعادة النظر في هيكلية وتركيبة السلطة الوطنية الفلسطينية نفسها,
بما يضمن إعادة فك وتركيب مؤسسة الرئيس, على قاعدة المشاركة
الوطنية والإسلامية في اتخاذ وصنع القرارات المصيرية للشعب
العربي الفلسطيني, وليس إنشاء مرجعية استشارية لمثل هذه
القرارات, بل يجب إشراك فصائل المقاومة في صنع هذه القرارات,
ووضعها أمام الحتميات والمفاضلات المناسبة لاتخاذها, عبر إشراكها
في المفاوضات مع العدو الصهيوني, ووضعها في صلب الحقائق
والمعطيات التي على أساسها يقرر قادة الشعب العربي الفلسطيني
خياراته الوطنية, ويتحملون مسؤوليتها بكل أمانة
وإخلاص.
ثانيا:
خضوع السلطة الوطنية الفلسطينية بكل هيئاتها التشريعية
والتنفيذية, لهيئات ومؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية, وإرادتها
السياسية في جميع تصرفاتها وإجراءاتها داخل المجتمع الفلسطيني
الواقع تحت الاحتلال, ومنع إقامة السلطة الوطنية الفلسطينية لأي
مؤسسة أو هيئة أو وزارة, تتعارض مهامها مع مهام ودور منظمة
التحرير الفلسطينية في الخارج, واعتبار هذه السلطة هيئة نضالية
في الداخل, تقوم بمهام تصريف جميع الشؤون الفلسطينية لجماهير
الداخل, وفقا لتعليمات وتوجيهات منظمة التحرير الفلسطينية, حتى
استكمال بناء الدولة الفلسطينية, وانتزاع سيادتها المطلقة على
جميع الأراضي المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس
الشريف.
ثالثا:
إعادة النظر في هيكلية ودور ومهام الأجهزة الأمنية الفلسطينية في
الداخل, وإنشاء أجهزة أمنية وطنية قادرة على حماية مصالح المجتمع
المجتمع الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال الصهيوني, وحماية الحق
والعدل والإنصاف بين المواطنين, وحملهم على موالاة السلطة,
والدفاع عن سياساتها وإجراءاتها المختلفة, وفتح هذه الأجهزة أمام
موالاة قدرات وإمكانات المجتمع الفلسطيني, وتخليصها من الهيمنة
الشخصية القائمة, وتحريرها من الجهل وانعدام المعرفة في الأعمال
والوظائف الأمنية, ومنع وتحريم الاستدعاء والاعتقال والملاحقة
السياسية مهما كان نوعها وظروفها.
رابعا:
إصلاح القضاء الفلسطيني, وإعادة النظر في هيكلية وأقسام هذا
القضاء, بما يضمن استقلاليته وعدم خضوعه لإرادات واملاءات غير
إرادة الحق والعدل بين الناس, وتوفير الضمانات السياسية لحماية
القضاء وضمان نزاهته واستقلاله.
خامسا:
فرض نظام موحد للخدمة المدنية في أجهزة ومرافق السلطة الوطنية
الفلسطينية, ومنع الواسطة والمحسوبية والتعيين العشوائي, على
قاعدة القرابة والمعرفة الشخصية والمصالح الأمنية, وغيرها من
التدخلات التي جعلت من هذه المرافق, مؤسسات خاصة لتيارات وعصابات
ولصوص, يستغلون الفصائل والتنظيمات الوطنية, من أجل مكاسبهم
الخاصة, وجعل الوظيفة لمن يستحقها فقط, وعلى قاعدة متطلبات
الوظيفة نفسها ومصلحة المجتمع في هذه الوظيفة, وحق الجميع في
التقدم لها وفقا لقوانينها ومقتضياتها, وليس رغبة الآخرين في
إشغالها, وكذلك فرض نظام خدمة عسكرية وأمنية بنفس معايير
ومتطلبات نظام الخدمة المدنية في المجتمع
الفلسطيني.
الفاسدون
واللصوص
سادسا:
رفع الغطاء السياسي والأمني عن الفاسدين واللصوص, الذين أثروا من
خلال استغلالهم لأجهزة السلطة الوطنية الفلسطينية, وتقديمهم
للقضاء, وتطبيق العقوبات المناسبة بحقهم بعد استرجاع الأموال
التي سرقوها, ومصادرة الأملاك والثروات التي جنوها, وإعادتها إلى
سلطة ومنفعة الشعب العربي الفلسطيني.
سابعا:
اتخاذ القرارات الوطنية المناسبة بشأن العملاء والمتساقطين,
ومحاسبتهم على قاعدة أعمالهم, وحجم الأذى الذي أوقعوه بشعبنا
الوطني المناضل, وإنهاء هذه الظاهرة الفاسدة, بما يضمن للمجتمع
العربي الفلسطيني إعادة تماسكه تحت الاحتلال الصهيوني, بعيدا عن
الأزمات والإخلالات الاجتماعية والأخلاقية القائمة, والتي تزيد
من حدة آلامه ومعاناته.
ثامنا:
توحيد المؤسسات الوطنية الراعية لأسر الشهداء والمعتقلين
الفلسطينيين في سجون الاحتلال الصهيوني, عبر وزارة شؤون الأسرى
والمعتقلين, ورعاية هذا القطاع المناضل بالشكل والمضمون الذي
يستحقه, ويضمن له الحماية المادية والمعنوية الكافية, والتوقف عن
اهانته القائمة في وزارة الشؤون الاجتماعية, والمخصصات التي
تقدمها هذه الوزارة لهذا القطاع بالحجم والطريقة التي تجعل منها
أقرب إلى الصدقات للمتسولين والمحتاجين, أكثر منها حق وواجب وطني
لمناضلين في شعب يحترم شهدائه وأبطاله.
تاسعا:
إعادة إحياء دعم الاقتصاد الأسري, وتوفير منافذ الدعم للأسرة
الفلسطينية تحت الاحتلال, بما يضمن استمرار صمودها واستملاكها
للقدرة المادية والإنتاجية على الصمود, وتعزيز الاعتماد على
الاقتصاد الوطني, ورفع الضغوط السياسية والإدارية والتدخلات
الشخصية في شؤون الشركات والمؤسسات الإنتاجية الكبرى في المجتمع
العربي الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال, على قاعدة أن القوى
السياسية لأي مجتمع مناضل, تقاس بمدى استملاك هذا المجتمع
لمؤسسات إنتاجية ضخمة, قادرة على تغطية احتياجات السوق الوطني,
وتحريره من الهيمنة والتبعية للأسواق
الخارجية.
لقد
تمكن الشعب العربي الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال الصهيوني
المباشر, ومن خلال نضالا ته المدنية والعسكرية, وإبداعه في
الصمود والاستشهاد, من إلقاء جميع أحمال الماضي وعجزه واتهامه,
لا سيما تلك الأحمال التي كان يروج لها العجز القائم في الواقع
العربي, التي قامت على قاعدة أن أبناء فلسطين يهربون من القتال
والمواجهة, وينجون بأنفسهم على حساب أرضهم وقضيتهم المقدسة,
وغيرها من الأكاذيب والاتهامات, التي جرى تمزيقها بأجساد
الشهداء, وركام البيوت المدمرة على أصحابها وهم صامدون, وبالتالي
فإن النضال والصمود الوطني الفلسطيني, قد أبهر العدو والصديق,
وجعل من قضية شعبنا هي القضية الأولى, التي تحظى باحترام وتقدير
العالم, ولهذا فإننا وفي الوقت الذي نقرر فيه كل هذه المطالب
والحقائق والمعطيات, لا يسعنا إلا التأكيد مجددا, على أن حماية
الحالة الوطنية الفلسطينية في هذه المرحلة بالذات, لم يعد مطلبا
فصائليا داخليا فقط, بل هو مطلب شعبي وقومي وإنساني
عالمي.
وهو
الأمر الذي يجعلنا مصرين على تحقيق هذه المطالب, والتمسك بها,
كأساس لزيادة جمال صورتنا الوطنية, التي ستبقى جميلة وعظيمة في
ظل قيادتكم الحكيمة بإذن الله.
|